إن من المحزن -أيها الأخ الكريم- أن التربية العسكرية في جميع البلاد الإسلامية تأخذ غالباً بالنظم الشرقية الشيوعية القاسية، التي تنشئ أو تربي العسكري على الذل المطلق لمن فوقه، وعلى الاستكبار على من تحته، فهو يتحمل مما فوقه كل شيء، ليتحمل منه من تحته كل شيء، وهذه الإهانات التي يتلقاها ويأخذها من الكبار، يقوم هو بسقيها وإطعامها للصغار.
ومنذ بداية الخدمة العسكرية؛ يعطى الكثيرون الانطباع بأن الإهانة ضرورة عسكرية وأمنية، لا بد منها، وما يسمى بفترة الاستجداد تشهد تسرب الكثيرين، ولعلك -أخي- تعلم ذلك أكثر مما أعلم أنا، تشهد تسرب الكثيرين من ذوي الهمم العالية والنفوس الكبيرة الذين لم يطيقوا مثل هذه الإهانة، نعم؛ أنت وأمثالك ممن صبروا وتحملوا، لكن هل نسيت زملاء دُفْعتك الذين دخلوا وكانوا نماذج حية بالرجولة والإخلاص والإباء، ثم انصرفوا لأنهم لم يحتملوا ذلك الوضع الصعب العسير.
إن التربية الغربية -مع الأسف الشديد- تختلف جذرياً عن ذلك، فهي تحافظ على كرامة الفرد وعلى استقلاله، وتنشئه نشأة طبيعية، أما التربية الإسلامية فهي لون آخر، يقوم على احترام الآخرين، وتحميلهم المسئولية أمام الله عز وجل، وعلى قبول النصيحة من كل أحد، وعلى ربط الفرد بأهداف الأمة العليا، فهو لا يحامي عن شخص، ولا يدافع عن قبيلة، ولا يقاتل عن حدود، بل الهدف الأول والأخير عنده هو حفظ الدين والأمة والوطن الإسلامي الكبير.