أجهزة رجل الأمن

رابعاً: إن كل ما حدث ويحدث أخي رجل الأمن؛ لم يكن لينسينا أنك أنت وأجهزتك ومن وراءك جزء من مجتمعنا المسلم الممتد عبر هذه الرقعة الواسعة، من العالم الإسلامي، التي تشكل خمس سكان الكرة الأرضية.

ففي هذه الأجهزة كما في غيرها، ونحن نعلم ذلك كما تعلمه أنت، فيها الخير والشر، والحق والباطل، والإيجابيات والسلبيات، وفيها الأخيار الذين يتحرقون ألماً على واقع أمتهم، وبلادهم، ولكن واحدهم -ونرجو أن تكون من هؤلاء- واحدهم كمؤمن آل فرعون، يعمل في جو مشحون مضغوط، ويدفع عن الخير وأهله بقدر ما يستطيع، ولكنه يحاذر أن يرتاب فيه المرتابون، أو يتصيده المتربصون، وفي هذه الأجهزة أيضاً الأشرار الذين يكيدون للحق وأهله، من منطلق الحقد على دين الله عز وجل، والبغضاء والمقت للمؤمنين.

وفيها الموظفون الذين لا يعنيهم إلا أمر الراتب في آخر الشهر، ولا يعنيهم إلا أن يضبط الإنسان نفسه، فلا يساءل عن تقصير في عمله، أو إهمال في وظيفته، وقد تكون أذهان هؤلاء مشحونة أو متأثرة بما يسمعون في أجهزة الإعلام، أو في مكاتب العمل، أو في مجالس السمر مع الزملاء والأصدقاء.

وهذا يعني أن الإصلاح ممكن، وأن التدارك وارد، إن لم يكن في كل مكان، ففي بعض البقاع والرقاع، فأين الخطباء عن هذا، وأين الدعاة الغيورون المخلصون؟! وأين الشعراء؟! وأين الموظفون؟! وأين القادرون؟! لماذا يبتعدون عن مثل هذه الأمور؟! فتزداد الفجوة البعيدة بين المتدين، ورجل الأمن.

إن رجل الأمن جزء من المجتمع بدينه، بأخلاقه، بنسبه، بعلاقاته فهو أقرب ممن سواه؛ لذلك فإنك تجدهم في روسيا -مثلاً- كما أسلفنا يجندون المجهولين -أجارنا الله وإياكم- يجندون أولاد الزنى الذين لا يعرف لهم نسب، حتى يكونوا في قوات الكوماندوز، أو الصاعقة، أو التدخل السريع، أو مكافحة الشغب، لأنهم يعلمون أن هؤلاء يمكن أن يشحنوا بالأحقاد على مجتمعهم.

حيث لا رابط يربطهم، ولا علاقة، ولا قرابة، ولا أبوة ولا صهر ولا نسب، ولا دين أيضاً، فيأخذون هؤلاء منذ الطفولة، ويخضعونهم لتربية خاصة، وفي بعض البلاد العربية يقع مثل ذلك.

أما أنت يا أخي؛ فأنت ابن هذا البلد، تحمل دينه وهمه ومشاكله وتحمل مشاعره، وتحمل أخلاقه، وهؤلاء الناس هم إما أبوك أو أخوك أو قريبك أو صديقك أو جارك أو نسيبك، فأي فرق بينك وبينهم؟! ولماذا ترضى أن تسدد سهمك إلى أحد منهم؟! أو تسدد قلمك إلى بعضهم؟! إنك أنت وهم في خندق واحد، والمصير مشترك، وحق عليك أن تطيل التفكير فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015