أهمية رجل الأمن

ثانياً: لعلك قد عرفت أخي رجل الأمن بحكم موقعك وطبيعة عملك؛ أن القرارات الرسمية الكبيرة التي تصدر في بلادك على أعلى المستويات غالباً يكون وراءها تقارير ودراسات خفية خاصة صدرت منك، أو من إدارتك، أو من قطاعك، أو ممن حولك.

فالعالم الإسلامي غالباً يحكم بتلك التقارير السرية الخاصة؛ بل والعالم كله يقيم لهذه ألف اهتمام واهتمام، في مشرقه أو مغربه.

ولهذا لا أحد يلومك حينما اتجهت لهذا العمل الضخم المؤثر، بل الكل يدركون أنه أحياناً شر لا بد منه كما يقال، وهو أحياناً خير نافع للأمة والبلاد والعباد، وهو بدون شك في أحوال كثيرة شر يجب الخلاص منه.

من ذا الذي يشكك -مثلاً- في أهمية حماية المجتمع من المخدرات التي تعمل فيه ليل نهار؟! من ذا الذي يشكك في أهمية حماية المجتمع من التزوير؟! من ذا الذي يشكك في أهمية حماية المجتمع من الاضطرابات والقلاقل والفتن التي تزعزع أمنه، وتقلقل استقراره؟! من ذا الذي يشكك في أهمية حماية المجتمع من الجريمة، أو من التطرف؟! ولعلك تدري ماذا أعني بكلمة التطرف، فلست أستخدمها كما يستخدمها الإعلام العربي والعالمي وصمة عار يلحقها بكل متدين.

بل أعني: التطرف الذي هو انحراف في الفكر، وانحراف في السلوك، وانحراف في التصرف، يقع فيه العلمانيون، ويقع فيه أعداء الدين، ويقع فيه المتسلطون، ويقع فيه -أحياناً- بعض المنتسبين إلى الدين.

إن استقرار الأمن في بلاد الإسلام كلها؛ هو مطلب المخلصين الغيورين، وإن العمل على دعم هذا الاستقرار هو أحد الأهداف الرئيسة التي يسعى لها دعاة الإسلام في كل مكان.

يسعون لها من خلال النظرة الشرعية التي تقرر أن ارتكاب الذنوب والمعاصي، وأن انتشار المنكرات والموبقات، وأن إعلان هذا وذاك هو السبب الأكبر في كل المصائب والنقم التي تقع في بلاد المسلمين.

والنظرة الشرعية التي تقرر دون شك؛ أن السكوت على المنكرات المعلنة هو الموجب للعنة الله تعالى وغضبه ومقته، وأليم عقابه، العقاب الذي قد يأتي بصورة كساد اقتصادي، وقد يأتي بصورة عدو خارجي، وقد يأتي بصورة انشقاق داخلي وتسليط بعض الناس على بعض.

وقد يأتي بصورة فيضانات أو زلازل، أو ما شاء الله {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر:31] .

فلا أحد يشك في الدور الكبير الذي يمكن أن تؤديه أجهزة الأمن؛ إذا أخلصت، وصدقت، وتوجهت إلى أهدافها الحقيقية، واستقطبت الرجال الأمناء المخلصين.

إن تقريراً صغيراً من فرد عادي يمكن أن يتطور ويتطور؛ ليكون تقريراً كبيراً تبنى عليه أعظم النتائج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015