غبطة الأنبياء والشهداء للمتحابين في الله

روى الترمذي حديثاً وصححه، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة} فالحديث هذا أضاف إلى أن المتحابين في الله وإن كانوا في ظل الله يوم القيامة, في ظل العرش يوم القيامة, فإنهم أيضاً على منابر من نور يغبطهم عليها النبيون والشهداء, والحديث صحيح كما ذكرت.

وهكذا تكون المحبة الصحيحة ظلاً ظليلاً في هجير الحياة يفيء إليها المؤمنون, وظلاً في موقف القيامة -كما أشرت- قال الله عز وجل: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:63] , وقال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف:67-68] , فهم كما في الحديث الصحيح {لا يخافون إذا خاف الناس, ولا يحزنون إذا حزن الناس} , فهذه هي المحبة الثابتة الدائمة والمستمرة في الدنيا على رغم تقلب الظروف والأحوال, وفي يوم القيامة على رغم شدة الموقف وتفرق الناس وتباعد ما بينهم, ولذلك يقول الشاعر أبو الحسن التهامي في المقارنة بين هذا وهذا: شيئان ينقشعان أول وهلة ظل الشباب وصحبة الأشرار فكما أن المحبة بين الصالحين دائمة في الدنيا والآخرة، فالمحبة أو الصداقة أو الصحبة بين الأشرار هي كالظل الزائل سرعان ما يتغير وينمحي.

هذه هي النقطة الثالثة في هذه المحاضرة وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أهمية المحبة بين الطيبين والصالحين لما لها من الآثار المشهودة في الدنيا والآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015