فقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] لا يمكن تأويله، لأنه لو قال المؤول: أن المقصود باليد القدرة، لكان معنى الآية: لما خلقت بقدرتيَّ.
وهل في النصوص أن الله له قدرتان؟ لا، إنما الله تعالى له قدرة كما جاء في النصوص.
فإثبات القدرتين له مثلاُ لا يدرك بالعقول، ولا جاءت به النصوص، هذا من وجه، ومن وجه آخر فإنه لو كان معنى (بِيَدَيَّ) أي: بقدرتي أو بنعمتي أو بقوتي، وهل كان هذا يخص آدم عليه السلام؟ لا، لكان هذا عاماً لجميع الخلق، حتى إبليس نفسه خلقه الله تعالى بقدرته، بل حتى نقول: خلقه برحمته، لأن الله عز وجل هو أرحم الراحمين، وهو أعلم بما يصلح الخلق، فأعماله وأفعاله كلها حسنة.
فتخصيص خلق آدم مثلاً بأنه بقدرته أو بعلمه أو بقوته ليس له معنى، فحتى إبليس خلقه الله تعالى بقدرته وخلقه بقوته، وحينئذٍ لا يكون للتخصيص في آدم معنى، فتعين أن قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] أي: بيدين حقيقيتين له سبحانه، ولذلك تميز آدم وأمر الله تعالى ملائكته بالسجود له.