Q كيف يرى الشيخ تعدد الجماعات الإسلامية في الساحة وآثارها على واقع الصحوة؟ وكيف يمكن تقليص الخلاف بينها؟
صلى الله عليه وسلم التجمع من أجل الدعوة إلى الله تعالى، لا شك أنه داخل في عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] وقوله سبحانه وتعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3] لكن ينبغي أن يكون هناك أيضاً وحدة للعمل وتقارب، كما أمر الله في قوله سبحانه: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46] وقوله {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] فكلما أمكن توحيد العاملين للإسلام، كان هذا ألزم وأوجب.
فإذا كان هناك مدعاة للاختلاف أو سبب للاختلاف مقبول شرعاً، كأن يكون الاختلاف كما يقال: اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد، ومعنى اختلاف التنوع: أن كل إنسان يعمل في مجاله، وكلها مجالات مشروعة، والمسلمون محتاجون إليها، فهذا لا بأس به.
ومثله -أيضاً- أن يكون الاختلاف ناتجاً عن اختلاف الظروف السياسية، والظروف الاجتماعية من بلد إلى بلد، ومن مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، فهذا أيضاً اختلاف مقبول.
ومثله أن يكون الاختلاف ناتجاً عن الاختلاف في الاجتهاد فيما يجوز الاجتهاد فيه، في هذه الأُطُر يكون الاختلاف مقبولاً، بشرط ألا يؤدى إلى التفرق؛ لأن الله تعالى نهى عن التفرق قال: {وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] ؛ فالتفرق منهيٌ عنه مطلقاً، وهو تنافر القلوب واختلافها، وتضاد الجهود وتناقض القوة، بحيث يكون الإنسان كارهاً للآخر، أو ينتقص حقه وحق أُخوته الإسلامية بسبب اختلافٍ معه، أو ما أشبه ذلك من الأسباب والصور التي تكون مذمومة شرعاً، فينبغي أن نفرق بين موضوع الاختلاف الناتج عن أسباب شرعية، وبين الاختلاف الناتج عن الهوى، أو الناتج عن الجهل، وأيضاً يجب أن يفرق بين الاختلاف الذي يكون مصحوباً بحفظ حقوق الأخوة، وحسن الظن وتقديم المساعدة والتعاون على البر والتقوى، وبين اختلاف يكون نتيجتة التناحر والتباغض، وربما يساعد الأخ عدوه على أخيه.