موقفنا مما يجري من الأحداث في أفغانستان

Q فضيلة الشيخ ما موقفنا مما يجري في أفغانستان، وأي الأطراف أولى بالتأييد والدعم؟

صلى الله عليه وسلم الحقيقة الصورة قاتمة ومظلمة، وأنا أتكلم أقول لك عن نفسي وأقول لك عن قطاع عريض، بل عن كل من رأيت من الناس، من عامة وخاصة وطلبة علم ومتعلمين، وغير متعلمين، ومتحمسين لقضية الإسلام وغير متحمسين، كل من لقيت وجدت أنه مستاءٌ جداً مما يجري في أفغانستان، ولا شك أن الوضع سيء ومؤذي، وأنا أعد أن ما يجري نكولٌ عن الجهاد، الذي قام نُشوبه على مدى أربع عشرة سنة هناك، وتحركت همم المسلمين إليه، وكان محط آمالهم على مدى السنين كلها، وكم استنزف فيه من أموال ومن دماء ومن جهود، ومن دموع، وفي النهاية يتحول الأمر إلى صراع محتدم بين أطراف المجاهدين.

أقول: إن ضراوة المعركة التي تجري الآن، بكل تأكيد لم تحدث على مدى الأربع عشرة سنة الماضية، يوم كان القتال من الشيوعيين أنفسهم، وقد أصبحنا شماتة لعدونا في الإعلام، وفي المجالس العامة والخاصة، وفي الدوائر وفي غيرها، فمتى يصح الإخوة المجاهدون في أفغانستان، ومتى يثوبوا بإخوانهم الذين تبنوا قضية الجهاد في كل البلاد، ومتى يصبوا إلى رشدهم ويدركوا أن سعي كل طرف لتدمير الطرف الآخر، سعي بغير طائل، وأنه تدمير لأنفسنا بأيدينا، وأن هذا تشبه بأهل الكتاب الذين قال الله عنهم: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر:2] وادعاء أن القضية لن تتوقف بعد، وأن المعركة ما زالت قائمة، ومثل هذا الكلام أنا أقول عن نفسي، الإنسان لا يستطيع أن يتحمل مثل هذا الكلام، نحن نلوم المجاهدين بصراحة جميعاً، وكل الأطراف ولا نجد أن هناك حاجة إلى دراسة أي الطرفين أولى بالدعم، لأن هذا الموضوع موضوع شائك وغير واضح، والقضية متناقضة في الواقع، ولو فرض أن واحداً مثلاً استطاع أن يقول: إن هذا الطرف أو ذاك، فإن هذا الأمر من الصعب أن تدركه الجماهير التي تحمست زماناً طويلاً لقضية أفغانستان.

وكما نلوم الإخوة في أفغانستان، فإننا نلوم أنفسنا -أيضاً- معشر المسلمين، إذ كيف يستمر القتال الضاري ومن قبله الخلاف السياسي زمناً طويلاً دون أن يكون عند المسلمين آلية عملية قوية لحسم المنازعات، والضغط على الأطراف حتى ترضى وتقبل بالحلول السلمية، والحوار بين الأطراف المختلفة، ولذلك أذكركم أنتم أيها الإخوة بواجبكم؛ لأنكم تستطيعون ما لا يستطيعه المسلمون في بلادهم في كثير من الأحيان، من الضغط على هؤلاء الإخوة، وبعث الرسائل إليهم والعرائض وليوقعها آلاف، أو حتى عشرات الآلاف من المسلمين، تحتج على ما يجري، يذهب وفود مثلاً، تتكلم باسم المسلمين، وتقول للإخوة المجاهدين هناك كفوا، كفى! كنا نريد أن تكون أفغانستان منطلقاً لتحرير المسلمين في الجمهوريات السوفيتية الأخرى، ومنطلقاً للنور وللدعوة، وللعلم، فإذا بنا نفاجأ أن المهاجرين الطاجيك مثلاً في أفغانستان، أصبحوا يعانون أوضاعاً في غاية الصعوبة، بسبب الوضع المتأزم في أفغانستان، وقد يطحنون بين الطرفين المتنازعين، كما هو الحال في قندز وغيرها، فكم هذا الأمر محزن، ومؤسف، وكما قلت لأحد الإخوة سألني أنه أصبح المسلمون حتى مجرد البكاء أحياناً لا يملكونه:- وليس البكا أن تسفح العين إنما أحر البكا عين البكاء المولد والله تعالى المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأرجو -يا أخي- أن تبلغ إخوانك المسلمين بهذه الوصية لعل الله يجعل في ذلك بعض الحزم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015