الخلافات السياسية

Q هناك مشكلة تعاني منها المراكز والتجمعات الإسلامية، وهي عن كيفية معالجة الخلافات التي تحدث بين بعض المسلمين بسبب الخلافات السياسية بين حكوماتهم؟

صلى الله عليه وسلم يا أخي ينبغي للمسلم في مثل بلادكم، (البلاد التي تعيشون فيها) أن لا يشعر أنه جاء لهذه البلد، ليتكلم باسم حكومة ينتمي إليها -مثلاً- أو يمثل هذا الحكومة أو تلك، وإنما جاء لهدف محدد، جاء للتأليف، للدراسة، للدعوة، جاء لغرض واضح، وبالتأكيد فهو يقول: إنه لم يستشر في أي موقف من المواقف التي تقوم بها الدولة التي ينتمي إليها مثلاً، وبالتالي فهو غير مسئول عنها، فلا ينبغي أن يحمل أحد مسئولية شيء لم يفعله، ولم يؤخذ رأيه فيه أصلاً.

وهذا أمر بديهي معروف لدى الجميع، أي منظمة أو أي دائرة أو أي جهة لم تستشر أفرادها ولم تستشر المنسوبين إلى البلد التي تكون منه فيما تفعل وما تترك وما تأخذ وما تقول، ومن تفاوض ومن تصادق ومن تعادي، وماذا تفعل، فلا ينبغي أن نحاسب هؤلاء على ذنب لم يقترفوه، أو شيء لم يقولوه أو لم يوافقوا عليه، كما أنهم هم -أيضاً- لا ينبغي أن يدافعوا عن أشياء ومواقف ليسوا مسئولين عنها، ولم يؤخذ رأيهم فيها.

ينبغي للمسلمين أن يعدوا وجودهم في هذه البلاد فرصة لتحقيق الإخاء الإسلامي، وفرصة للتعارف، وحينما أقول التعارف (لا أعني التعارف بالأسماء فقط) بل تعارف المواهب، وتعارف الملكات، والإمكانيات التي يستطيع كل مسلم أو مجموعة من المسلمين أن يقوموا بها، وبالتالي التعاون في هذه المجالات وتكامل الجهود الإسلامية، يكمل بعضها بعضاً ويعز بعضها بعضاً، كأن تكون مجالاً لأن يتبنى كل إنسان موقف جماعة بعينها، أو حكومة أو منظمة أو جهة ويدافع عنه، لمجرد أنهم ينتمون إلى البلد الذي هو فيه مثلاً، فينصر قومه وقبيلته بالحق وبالباطل، ويتعصب لذلك، ويتبناه، ويكون هذا سبباً في العداوة، وربما يقاطع هذا المسجد أو هذا المركز أو هذه المجالس؛ لأن الأغلبية التي فيها من مجموعة أخرى، أو من جنسيه أخرى، أو من بلد آخر.

أنا أقول بصراحة: إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد فلا حول ولا قوة إلا بالله، أنا أخاف أن أقول لا خير فينا، يعني: قد نفسر بعض الأوضاع التي يعيشها المسلمون أنها أوضاع اضطرارية ليس لهم فيها يد، لكن إذا كان هذا الداء انتقل إلى مثل تلك البلاد التي تعيشون فيها، وهي بلاد المسلم فيها حر يستطيع أن يقول ما يشاء، وأن يفعل ما يشاء مما يعتقد أنه حق وصواب، ومع ذلك تجد أن هذا المسلم ينحو المنحى الذي يعد خطأ، يحتاج إلى من يفسره أو يعتذر عنه، ويترك ما يعتقد أنه صواب فهذا أمر محزن فعلاً، أن تنتقل الخلافات (جرثومة الداء) إلى البلاد التي ينبغي أن تكون فرصة للمسلمين حتى يزيلوا الخلافات الموجودة بينهم، وحتى يتعارفوا من خلال مؤتمرات، أو جلسات، أو زيارات، أو ندوات، أو لقاءات تُعقد، تكون سبباً في إزالة هذه الشحناء وبتعارف المسلمين بعضهم ببعض.

أقول: المسلمون -أيها الأخ الكريم- يؤملون آمالاً كبيرة في الإخوة الموجودين في مثل هذه البلاد، أن يفلحوا في التغلب على الأوضاع المأساوية التي يعيشها المسلم في بلادهم الأكثرية، فإذا كان الداء ينتقل إليكم أنتم، فهذه مشكلة تجعل منا -أحياناً- أن نعيد النظر في تقويمنا لما وصل إليه المسلمون من وعي وإدراك، وأنهم في الواقع يكررون أخطاءهم في كل مكان، ويعيدون الشريط نفسه، ويجترون الآلام من جديد، وأنهم ما زالوا دون المستوى المطلوب، أقول: إذا كان الأمر بهذا الشكل، فهذه نتيجة مؤلمة ولا شك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015