عدم تهيئة النفس لمواجهة معوقات وصعوبات العمل في طريق الله

السابع: من أسباب الانتكاس: عدم تهيئة النفس لمواجهة معوقات وصعوبات العمل في طريق الله، يتصور بعض الناس أن الالتزام وأن الدين طريق مفروش بالزهور، وهذا مخالف لسنة الله، والله قد قال في سورة العنكبوت: {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:1 - 3] أي: أيظن الناس أنهم سيتركون بسبب قولهم هذه الكلمة ولا يقدم لهم ابتلاءات وامتحانات، إذا ظن هذا الظن سيسقط، لكن إذا هيأ نفسه، وأعدها لمواجهة أي صعوبة، يتوقع أنه يسجن، يتوقع أنه يمرض، يتوقع أنه يفقر، يتوقع أن امرأته تخرج من بيته، يتوقع أنه يقتل، يتوقع كل شيء في سبيل الوصول إلى مرضاة الله تبارك وتعالى، فإذا ما جاء هذا الأمر المتوقع، يجد النفس مهيأة لاستقباله فيكون الوقع هين، والأثر بسيط، لكن حينما لا تكون النفس متهيئة له، كيف يكون الأثر؟! النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره ورقة بن نوفل وقال له: (ليتني معك إذ يخرجك قومك، قال صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم؟ قال: نعم.

ما جاء أحد قومه بمثل ما تأتي به إلا أخرجه قومه وآذوه، فقال: الله المستعان) استعان بالله عز وجل.

أيضاً عثمان بن عفان لما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيحين يقول أبو موسى الأشعري: (تبعت رسول الله بعد أن خرج من المسجد ودخل بئر أريس -يعني: بستان أريس في المدينة - يقول: فجلس على شفير البئر ودلى رجليه ثم قال: يا أبا موسى! لا تأذن لأحد إلا بعد أن تخبرني، يقول، فقلت: الحمد لله أنا اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: فجاء أبو بكر فقلت: يا رسول الله! أبا بكر، قال: ائذن له وبشره بالجنة، يقول: وبعد قليل طرق الباب طارق، قلت: من؟ قال: عمر، قلت: عمر يا رسول الله! قال: ائذن له وبشره بالجنة، يقول أبو موسى فقلت: ليت أبا عامر يأتي) يقول: يا ليت أخي يأتي، يظن أن كل من جاء دخل، وهي ليست هكذا إنما هي لأناس معينين، يقول: (فليت أبا عامر يأتي، يقول: فجاء ثالث وطرق الباب، قلت: من؟ قال: عثمان، قلت: يا رسول الله! عثمان، قال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فقال عندما بشره: أبشر بالجنة على بلوى تصيبك، فقال: الله المستعان).

هذه تهيئة الرسول صلى الله عليه وسلم هيأ نفسية عثمان لقبول البلاء، ولذا كان عنده يوم أن قتل أربعمائة عبد في حراسته وهم مملوكون وقد كان تاجراً، فقالوا: ندافع، قال: من ألقى سلاحه فهو حر، فوضعوا السلاح كلهم يريدون الحرية، وأعتقهم لوجه الله، وجلس على مصحفه لا يدفع عن نفسه حتى دخلوا إليه وذبحوه وسال دمه الشريف على المصحف، رضي الله عنه وأرضاه.

فلا بد أن تتوقع وأن تهيء نفسك، للابتلاء، ولا تسأل الله البلاء وسل الله العافية، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تتمنوا لقاء العدو ولكن إذا لقيتموه فاثبتوا) نسأل الله العافية، ولكن نسأل الله أن يثبتنا إذا لقينا ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015