الثامن: من أسباب الانتكاس: صحبة الأشرار والعصاة، مثل صحبة ذلك الرجل الذي أضل نفسه وأضل غيره معه؛ لأن القرين السيئ يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب، أدخل جملاً أجرب في مائة جمل سليم، هل تعديه بالعافية أم يعديها بالجرب؟ يعديها بالجرب؛ لأن المرض ينتقل، والعافية لا تنتقل، وضع تفاحة معفنة في صندوق صحيح هل التفاح الصحيح يصلح المعفنة أم المعفنة تعفن الصندوق كله؟ كذلك ضع شخصاً خبيثاً مع عشرة صالحين يفسدهم كلهم، ولهذا في الحديث في الصحيحين يقول عليه الصلاة والسلام: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك أو تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً خبيثة) فإياك -يا أخي- من مجالسة رفقاء السوء فقد قيل عن جليس السوء:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الأردى فترد مع الردي
... ويقول الآخر:
فلا تصحب أخا الفسق وإياك وإياه
فكم من فاسق أردى مطيعاً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ماشاه
وللناس على الناس مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب دليل حين يلقاه
كن مع شكلك، هل رأيت حمامة تمشي مع الغربان؟! هل رأيت كلباً يمشي مع الغزلان؟! لا يمشي معها إلا لأنه يريد أن يفترسها، لا تمش إلا مع من هو مثلك على الدين والاستقامة، وإذا مشيت مع قرناء السوء أهلكوك.