أيها الإخوة! إذا كان أكمل الناس سعادةً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم قد حاز من ذلك السبق، وحصل على أعلى درجات الكمال، فلننظر ما الذي كان يتمتع به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسباب السعادة لتحصُل لنا، فإن السعادة التي حصَّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لذاته، يعني: لم يكن أمراً مقترناً بذلك الشخص دون أسباب تؤهله لتحصيلها، وأسباب تؤدي إلى تلك النتيجة.
إن الله عز وجل قد ذكر في هذه السورة الكريمة السبب الذي حصَّل به رسول الله صلى الله عليه وسلم السعادة، فبعد أن ذكر تلك المنن الثلاث التي افتتح بها السورة، قال جلَّ وعلا في آخرها: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح:7 - 8] هذا هو سبب السعادة، وسر ذلك الشرح، وسبب ذلك التخفيف، وسبب رفع الذكر الذي أدركه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.