من أراد أن يأخذ من السعادة التي نالها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا نصيباً، فليحرص على سلوك هديه، فإنه بقدر التزام الإنسان بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقدر ما يكون معه من انشراح الصدر، وتخفيف الوزر، ورفع الذكر.
واستمع إلى ما قاله ابن القيم رحمه الله في هذا! يقول رحمه الله: شرح الله صدر رسوله صلى الله عليه وسلم أتم الشرح، ووضع عنه وزره كل الوضع، ورفع ذكره كل الرفع، وجعل لأتباعه -أي: لمن اقتفى أثره، وآمن به، واهتدى بسنته- حظاً من ذلك -يعني: من شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر- إذ كل متبوع فلأتباعه حظٌ ونصيبٌ من حظ متبوعهم في الخير والشر على حسب اتباعهم له.
فأتبعُ الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشرحُهم صدراً، وأوضعهم وزراً، وأرفعهم ذكراً، وهذا فضل الله الذي منَّ الله به على الأمة؛ أن جعل ما منَّ به على رسوله صلى الله عليه وسلم من تلك المنن ومن تلك المنح ومن تلك الفضائل يمكن للعبد أن يدركها بسلوك سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن يفعل كما فعل، وأن يعتقد كما اعتقد، وأن يعمل كما عمل، فبقدر متابعة الإنسان لرسول الله صلى الله عليه وسلم علماً وعملاً، حالاً واجتهاداً، بقدر ما يكون له نصيباً من السعادة التي نالها صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: وكلما قويت متابعة العبد علماً وعملاً وحالاً واجتهاداً قويت هذه الثلاث التي هي: شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، حتى يصير صاحبها أشرح الناس صدراً وأرفعهم في العالمين ذكراً.
نسأل الله عز وجل من فضله! أيها الإخوة الكرام! إن الله جلَّ وعلا قد أمرنا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وأبان لنا في كتابه الحكيم فوائد ذلك؛ حثاً لنا على المسابقة إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمن جملة ما بينه سبحانه وتعالى لنا من فضائل اتباع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ما ذكره في قوله آمراً عموم الناس: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158].