أيها الإخوة! إن التمسك بالعلم، والإقبال عليه سبب لأن يقذف الله جل وعلا في قلب العبد النور الذي يحصل به الفرقان بين الحق والباطل، وما أحوج الإنسان إلى أن يقذف الله جل وعلا في قلبه نوراً يمشي به في الناس، يميز به بين الحق والباطل بين الهدى والغي بين الرشاد والضلال، إننا نحتاج إلى هذا النور، وهذا النور سبب تحصيله تقوى الله جل وعلا مع العلم، قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحديد:28].
فالقلوب إذا ملئت بالعلم تحصنت من الوقوع في الشبهات، وتحصنت من أن تقر فيها الشهوات على وجه الدوام، بل كل شبهة ترد على القلب فإن القلب يردها بقوته وصلابته، وكل شهوة تترك أثراً في القلب يردها القلب بما معه من الإيمان الصادق، والإقبال على الله عز وجل والتوبة والاستغفار، فلا يبقى في قلبه شيء من الشبهات، ولا شيء من الشهوات، قال سبحانه وتعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122]، إن الذي أُعطي النور هو الذي استمسك بالعلم الشرعي -بالكتاب والسنة-، والذي بقي في الظلمات هو ذلك الذي أعرض عن كتاب الله عز وجل وعن سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.