أيها الإخوة! إننا في هذه الأزمان المتأخرة التي بليت فيها الأمة بالمصائب والرزايا من عدة جهات: فيما يتعلق بعلاقتها بربها، وبعلاقتها مع الخلق، وعلاقتها مع دينها، فتحتاج الأمة إلى أن تراجع هذا الكتاب الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله) فالواجب على المسلمين أفراداً وجماعات أن يعودوا إلى هذا المعين الصافي، إلى هذا النبع الذي لا تنضب فوائده، ولا تنتهي عجائبه، ولا تنقضي أسراره، فإن أسباب النجاة فيه، فينبغي لنا أن نقبل على هذا الكتاب، ففيه القصص، وفيه العبرة، وفي العظة، وفيه التثبيت، وفيه الهداية، وفيه النور، فقد قال الله جل وعلا في وصفه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ} [الشورى:52]، فهذا القرآن نور وروح، وهذه الأوصاف تبعث الحياة في الفرد، كما أنها تبعث الحياة في الجماعة، وتبعث الحياة في الأمة، فإن الأمة إذا أقبلت على الكتاب بشرت بهذين الأمرين: بالروح والنور، فالروح تحصل به الحياة، والنور يحصل به التمييز بين الحق والباطل، والخروج من هذه الظلمات التي أحلكت بالأمة، وأحاطت بها من كل جانب، ولا مخرج لها إلا بالكتاب المبين، والقرآن العظيم، قال الله جل علا: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122].
نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، فهم أهل الله؛ لإقبالهم على صفة من صفاته، وخاصته؛ لأنهم عظموا ما عظمه، وأقبلوا على كتابه.
أسال الله جل وعلا أن يجعلنا مِمن تعلم القرآن وعلمه.