الاتباع وسط بين الاجتهاد والتقليد

على هذا نحن يجب أن نفهم هذه المسألة حتى لا نقع -كما ذكرنا- في إفراط وتفريط، فليس كل مسلم بملزم أن يجتهد؛ ولكن الذي يلزمه الاجتهاد هو المستطيع؛ ولكن هنا مرتبة وسطى ما بين التقليد والاجتهاد، ذلك لأننا ذكرنا آنفاً أن كل مسلم يجب أن يكون على بصيرة من دينه بنص الآية السابقة العامة، لكن البصيرة بالدين يمكن تحصيلها بطريقة لا هي اجتهاد، ولا هي تقليد محرم في الأصل، لا هي بطريقة الاجتهاد التي لا يستطيعها كل الناس إلا الخواص منهم، ولا هي بطريقة التقليد التي يكون الأصل فيها التحريم، هناك طريقة وسط بين الطريقتين -الاجتهاد والتقليد- ألا وهي طريقة الاتباع، وهذا اصطلاح علمي جرى عليه كثير من المحققين، القدامى والمحدثين، كمثل حافظ الأندلس أبو عمر بن عبد البر، فقد جعل العلم ثلاث طبقات: اجتهاد، واتباع، وتقليد، وعلى ذلك جرى من بعده من أهل التحقيق كـ ابن تيمية، وابن القيم وغيرهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015