جاءت عمة شريح القاضي تزوره بعد سنة من زواجه بابنتها، قالت له: كيف وجدت امرأتك؟ قال: على ما يحب الصديق ويكره العدو، قالت له: يا أبا أمية! إن المرأة لا تكسد إلا في حالتين: أن يكون لها حظوةٌ عند زوجها، وأن يأتيها الولد.
تعني بذلك: أن المرأة تتكبر وتكثر من طلباتها عندما يكون لها حظ عند زوجها، أي: يحبها كثيراً -لكن المرأة التي لم يرزقها الله الولد تتودد؛ لأنها تريد أن تعيش، لذلك يقل نشوزها عن المرأة التي لها حظوة ولها ولد، فالمرأة إذا كان لها أولاد، فإنها تعرف أن الرجل يحب الأولاد، فدائماً عندما يدخل الأب ويرى الولد ويقبله ويحاول أن يسمع صوته عبر سماعة الهاتف -إذا كان خارج المنزل- فتقوم وتعزف على وتر الأولاد، فتنشز عن زوجها وتأخذ الأولاد معها؛ لأنها تعرف أن زوجها لا يستطيع أن يعيش بدون أولاده؛ فيضطر أن يذهب إليها ليسترضيها ويخطئ نفسه ويعتذر حتى تعود إلى بيتها مع الأولاد، فهذه المرأة تعين شريح القاضي على ابنتها، وهذه من خير النساء.
إن الأب الجيد عندما تأتي ابنته إليه غاضبة من زوجها فإنه يرجعها إليه مباشرة دون تحقيق ولا انتظار، ولا عقد محاكمة للزوج، ويكون قد أعلم ابنته قبل أن تتزوج أن المرأة إذا تزوجت فليس لها إلا بيت زوجها، ويعظم الزوج عند زوجته، بخلاف الذي يجمع ابنته وزوجها ويقول له: أنت مخطئ لماذا لا تعاملها بالمعروف؛ فيشجع ابنته على زوجها، وهذا خطأ، فهو بهذا الأسلوب يهدر قوامة الرجل، لكن إذا أراد أن يعاتبه فليعاتبه لوحده منفرداً، ويعيد إليه زوجته ويحفظ له كرامته، وقد يكون الزوج معوزاً فقيراً فأعطه بعض النقود أو هدية، وقل له: اعط هذا ابنتي عن طريقك، فأنت بهذا الأسلوب تكسب قلب الزوج، وفي نفس الوقت الهدية ستصل إلى ابنتك.
هكذا كان خلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ابنته حفصة، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه الشيخان من حديث ابن عباس عندما قيل: (إن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، قد كن هجرنه من الليل حتى الصباح، فجاء عمر بن الخطاب وقال لـ حفصة: أي: حفصة! أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم وتهجره من الليل حتى الصباح؟! قالت: نعم.
قال: ما يؤملك أن يغضب الله لغضب رسوله فتهلكي، ثم أوصاها بوصية -ينبغي لكل والد أن يوصي ابنته بها- فقال لها: لا تسألي النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، ولا تستكثريه، وسليني ما بدا لك).
ويقول عليه الصلاة والسلام: (نساء قريش خير نساءٌ ركبن الإبل، أحناه على ولدٍ، وأرعاه لزوجٍ في ذات يده).