لقد ضرب نبينا صلى الله عليه وسلم المثل الأروع في الوفاء وترك الغدر، حتى مع أعدائه، ولذلك احترموه؛ وكانوا يهابونه ويوقرونه، وكثير من الذين دخلوا الإسلام كان بسبب ما رأوا من شمائله، وقبل أن يعرفوا شيئاً من أحكام الإسلام، وكذلك الرأس، فكثير من الناس لا يفرق بين الدعوة والداعية، فإذا رأوا داعية كذاباً ممارياً ممارئاً مماطلاً ظنوا أن الدعوة كذلك؛ لأنهم لا يفرقون، وإذا رأوه وفياً كريماً سخياً اعتقدوا صحة هذه الدعوة.
وأناس كثيرون دخلوا الدعوة لما نظروا إلى شمائل النبي عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: (خرجت أنا وأبي فلقينا كفار قريش، قالوا: إلى أين؟ قلنا: إلى المدينة.
فقالوا: لا.
إنكم تريدون محمداً.
قلنا: لا نريد إلا المدينة.
قال: فأخذوا علينا عهد الله وميثاقه ألا نقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال حذيفة: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له ذلك، فقال: نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم).
وهؤلاء أعداء لكنهم أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه، فلا يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من يضع أمر الله تبارك وتعالى، فيقول: هؤلاء أعداء، قال: (نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم) لذلك قال حذيفة: (فشهدنا بدراً ولم نقاتل) كانوا حاضرين في القتال، وهذا من تعظيم الوفاء بالعهد.