معنى قوله: ورجل باع حراً فأكل ثمنه

فهؤلاء الثلاثة الذين يخصمهم رب العالمين أولهم: (من أعطي بي فغدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه) كأن يكون عنده عبد فيعتقه، ويقول له: أنت حر لوجه الله، ويكتم نبأ العتق، ثم يقع في ضائقة فيأخذ هذا العبد ويبيعه في الأسواق على أنه عبد، مع أن الله عز وجل أنجاه من ربقة العبودية بالحرية، فهذا الرجل خصمه رب العالمين.

وإن أكبر مشكلة ومصيبة يتعرض لها المرء في حياته أن يكون عبداً مسترقاً، لأنه لا يملك من أمر نفسه شيئاً، حتى لو أراد أن يتزوج لا يستطيع إلا إذا أذن له سيده، حتى وإن بلغت به العزوبية غاية المشقة فلا يجرؤ ولا يستطيع الزواج.

قال صلى الله عليه وسلم: (أيما عبد تزوج بغير أذن مواليه فهو عاهر) أي: فاجر.

يحتاج أن يتزوج، ولكن سيده تعنت، قال له: لا زواج؛ فلا يستطيع الزواج.

وكذا إذا شق عليه سيده بالخدمة فلا يستطيع أن يفر بجلده أبداً، ولابد أن يضل مكانه؛ لأن العبد كما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أبق من سيده لا تقبل له صلاة ولا زكاة ولا صيام حتى يرجع).

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤدي ولد حق والده إلا أن يجده مملوكاً فيعتقه) هذه هي التي يستطيع الولد أن يقول لأبيه: أنا معك رأس برأس إنما غير ذلك، فلا يستطيع أن يؤدي حق والده أبداً.

فهذا الرجل عندما يعطي هذا المملوك حريته، ويكتمها ويبيعه بعد أن صار حراً يكون الله خصيمه يوم القيامة.

فهذا الرجل الذي باع الحر وأكل ثمنه الله عز وجل خصمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015