وفي حديث ابن عباس في الصحيحين: (لما طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، وكان الصحابة يبكون بجانب المنبر على اهتمامه عليه الصلاة والسلام بهذا الأمر وتكدر خاطره، ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى باب المشربة، وكان هناك غلام النبي صلى الله عليه وسلم -واسمه رباح - فقال عمر: فجئت الغلام فقلت: استأذن لـ عمر، فدخل ثم خرج فقال: ذكرتك له فصمت، قال: فجلست بجانب المنبر، ثم غلبني ما أجد، فقمت، فقلت للغلام: استأذن لـ عمر، فدخل ثم خرج، قال: ذكرتك له فصمت، قال: فذهبت إلى جانب المنبر فجلست، ثم غلبني ما أجد، فقمت، فقلت للغلام: استأذن لـ عمر! فدخل ثم خرج، فقال: ذكرتك له فصمت، قال عمر: فهممت وانصرفت، فبينما أنا عند الباب إذ الغلام يناديني، فقال: قد أذن لك، قال: فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم -وكان الرسول عليه الصلاة والسلام غضبان من نسائه، وأقسم أن لا يدخل عليهن شهراً، فـ عمر عرف الموقف- قال: فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو مضطجع على رمال حصير قد أثر الحصير في جنبه، فأردت أن أستأنس قبل أن أجلس -هذا هو الشاهد، ومثل عمر لا يحتاج إلى إحداث أنس بينه وبين النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هناك حاجز وهو أن خاطر الرسول عليه الصلاة والسلام متكدر، وهو يريد أن يستأنس قبل أن يتكلم- قال: فأردت أن أستأنس، فقلت: يا رسول الله! لو رأيتنا معاشر قريش قوم نغلب نساءنا، فلما قدمنا على إخواننا من الأنصار، فإذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، قال: فتبسم الرسول عليه الصلاة والسلام، فقلت: يا رسول الله! لو رأيتني وأنا أقول لـ حفصة: لا يغرنكِ أن كانت جارتكِ -يعني عائشة - أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأوضأ منكِ -أي: أجمل- قال: فتبسم أخرى، قال: فجلست).