العلم يحرسُك وأنت تحرس المال، فانظر عندما يجعل الشخص نفسه عبداً لما يجب ألا يكون له عبداً، وهذا المال أنت أصلاً ستدفع منه للحفاظ عليه، لكي تستخدمه في الحلال، ولكي تستعبده لا لتعبده، كما قيل: (المال عبدٌ جيد لكنه سيدٌ رديء) (عبد جيد): يحل لك مشاكلك ويقضي لك كل حاجاتك، كما لو كان لك عبد إذا قلت له: اعمل كذا، قال: نعم.
واعمل كذا قال: حاضر.
فهو عبد جيد، لكنه إذا تسلط على صاحبه صار سيداً رديئاً، إذ يصير صاحبه بخيلاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن البخل: (أي داءٍ أدوى من البخل؟!) أي: أي داءٍ أقبح من أن يكون الإنسان بخيلاً؟! فالمال صاحبه هو الذي يحرسه، إن كان مضطجعاً تجده يَعُدّ، أو قائماً تجده يَعُدّ، يَعُدُّ النقود ألف مرة؛ ويريد أن يضع العشرة على العشرة، والعشرين على العشرين، ويرص الأرقام على الأرقام، ويحسب، حتى يتأكد أنها متسلسلة أم لا! ولا ينام من كثرة الحسابات.
يخشى أن تصرف أمواله، أو أنه سيُقْدِم على مشروع ويخاف أن يأخذه آخر، أو يخاف أن يخسر، فقلبه يتفطر من الحسرات، ولذلك تجد الإنسان من هؤلاء إذا أصيب في دنياه خسر الدنيا والآخرة، فتجد الواحد مثلاً إذا قيل له: المصنع احترق، تأتيه سكتة قلبية! وماذا لو أنه اشتعل؟! فأنت خرجت من بطن أمك لا تملك شيئاً ولا عندك دينار ولا درهم، فما مُتَّ حتى اغتنيتَ وصرتَ من أصحاب الملايين، فكما أعطاك الله المال يمكنه أن يعطيك ثانية، فما نفدت خزائنه.
فهذا يخسر دنياه وآخرته.
والآخر صاحب أزمة الكويت لما نزل الدينار من تسعة جنيهات إلى سبعة وتسعين قرشاً، مشى في الشارع وهو يكلم نفسه! لأنه عبدٌ لهذا المال.