أين خط الدفاع الأول الذي أعده الغرباء لأمثال هؤلاء السفهاء؟ نحن قصرنا جداً، أين خط الدفاع الأول؟ دولة بلا جيش دولة مهزومة مهما كان رصيدها من المال، السعودية ليس عندها جيش قوي خائفة دائماً، الإمارات والكويت وكل البلاد التي ترفل في نعم الله عز وجل خائفة، يدها على قلبها، ليس عندها خط الدفاع الأول المتين الذي يحمي بيضة البلد.
طيب! أين خط الدفاع الأول الذي أنشأناه نحن معاشر الغرباء؟! أنا لا أطالب الذين يمشون في الشارع، أطالب الذين يحضرون المحاضرة معنا، كل رجل يخطط مستقبل أولاده قبل أن يتزوج، بعدما يتزوج وينجب يكون مستقبل الأولاد واقعاً، تدخل لتزور شخصاً تقول: تعال يا محمد! قل لعمك: تريد أن تكون ماذا عندما تكبر؟ قل: أريد أن أكون دكتوراً، فهذا الولد الصغير (ابن أربع سنوات) من أين عرف دكتوراً أو مهندساً؟ الوالد هو الذي نفث في روعه، إذ يقول له: ذاكر أريدك أن تكون دكتوراً، كلما تكلم قال: أريدك أن تكون دكتوراً، قبل أن يولد له أماني يتمناها، وقد لا ينجب، وقد لا يتزوج، وقد يموت، لكن على عادة ابن آدم أن أمله أكبر من أجله وأطول.
تراه يحلم حتى وليس عنده مؤهلات؛ وهذا ذكرني بصاحب جرة السمن المتعلقة، رجل فقير يريد أن يتزوج، فهو يحلم بالمال والغنى، فقال: غداً أذهب السوق وأبيع هذه الجرة، وأشتري فراخاً وبطاً وإوزاً، وبعد ذلك أغناماً، وبهائم وعجولاً، ثم أكون أكبر تاجر في البلد، والفلوس تكثر معي، أبني قصراً منيفاً الكل يتمنى يدخله، أي امرأة تتمناني، ثم أذهب وأتزوج أحسن امرأة، وبعد ذلك أنجب ولداً جميلاً، وأعلمه الأدب، ولا أرضى بالحال المائل، إذا عصاني أضرب هكذا، فأخذ العصا فضرب فكسر الجرة، فاق الرجل من حلمه على السمن الذي سقط عليه.
أو رجل يحلم يبني مستقبل نفسه ومستقبل أولاده من لا شيء!! كم رجل فينا قال: هذا الولد وقف لله، كما قالت امرأة عمران: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي} [آل عمران:35] وأنا أسأل هذا السؤال لخواص الإخوة الذين هم مصنفون على كل موائد العالم أنهم إرهابيون، وقضيتهم مطروحة من أقصى الأرض إلى أقصى الأرض، وغرباء مستضعفون يبحثون عن مكان لهم تحت الشمس، ولا يشعرون بهذا الاستضعاف ولا بهذه الغربة، هل خطر ببال أحدهم أن يقول: أنا سأعبد أولادي جميعاً لله، وأوقف واحداً أو اثنين للعلم؟ كم واحداً فينا فكر وعقد النية في إنجاب الولد هكذا، قد تفاجأ أن أقل من واحد في المائة هو الذي فكر، وربى أولاده وساعدته امرأته على الوصول إلى هذا الهدف النبيل.