إن هذه القضية التي كانت من القطعيات عند الصحابة أصبحت مثار جدلٍ عظيم في القرون التي جاءت بعد ذلك، وهناك فرقة تنتسب إلى الإسلام اسمها: (القدرية)، أي: نفاة القدر، وقد ظهرت هذه الفرقة في البصرة في أواخر عهد الصحابة، كما في صحيح مسلم من حديث حميد بن عبد الرحمن الحميري ويحيى بن يعمر قالا: (خرجنا حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نسأله عما أحدث معبد الجهني من القول بالقدر، قال: فوفق لنا عبد الله بن عمر داخلاً المسجد، فاكتنفناه، فقلت له: يا أبا عبد الرحمن! إنه ظهر قبلنا ناسٌ يقرءون القرآن ويتقفرون العلم)، وذكر من شأنهم، ومن عبادتهم وجدهم واجتهادهم، قال: (وأنهم يقولون: إنه لا قدر، وأن الأمر أنف)، أي: مستأنف، أو أن الله لا يعلم الفعل إلا بعد وقوعه، قال عبد الله بن عمر: (فإذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أنني بريء منهم وهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لو أن لأحدهم ملء الأرض ذهباً ما قبل الله عز وجل منه حتى يؤمن بالقدر)، ثم ساق الحديث وفيه أركان الإيمان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره حلوه ومره.