وجوب الفصل بين الأسباب المشتركة بين العبد وربه سبحانه وتعالى

إذا كان هناك قضايا مشتركة بين العبد وبين الله تبارك وتعالى يجب أن تفصل حتى لا يقدح في توحيد العبد، قال ابن عباس: (من قال: لولا الكلب لسرق اللص الدار فقد أشرك) لأن الكلب سبب، لكن من الذي منع اللص؟ قال تبارك وتعالى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود:56] فالذي أخذ بناصية هذا اللص هو الله وليس الكلب، فإذا قال العبد: (لولا الكلب لسرق اللص الدار فقد أشرك) هي نفس القضايا التي نبه عليها الخليل عليه السلام، من قال: (لولا فلان لدخلت النار، ولولا فلان أطعمني لمت من الجوع، ولولا فلان شفاني لمت من المرض) كل هذا فيه شرك.

إذاً القلب إذا التفت إلى الأسباب كان ذلك إعراض عن رب الأسباب، وأنت ترى هذا في ضعاف الإيمان، فمثلاً: شخص مرضاً خطيراً، فذهبوا به إلى الطبيب، وتجد الكل واقف على باب الغرفة ينتظر أن يرى الطبيب ماذا سيقول؟ وتجده يسأل: هناك أمل يا دكتور؟ لو قال: ليس هناك أمل، لخر ساكتاً! قوله: (ليس هناك أمل) هذه الكلمة ليست لأحد على وجه الأرض، ولذلك تجد أصحاب العقائد الراسخة يتحركون بها، أحياناً يمرض لك إنسان مرضاً خطيراً، فتجد كل الأطباء يجمعون أنه لا أمل، ويقولون لك: يا بُني! وفر مالك، لا فائدة! ومع ذلك تخرج من عندهم لتبيع آخر ما تملك وتنفقه على هذا المريض، لماذا؟ لأنه راسخ في ذهنك أن الكلمة الأخيرة ليست لأحد غير الله، تقول: الله على كل شيء قدير، ولو كنت تعلم من قرارة نفسك أن الطب هو صاحب الكلمة الأخيرة لكففت عن الإنفاق، لكنك ما أنفقت مالك إلا لتجري وراء أمل راسخ عندك وهو: (إن الله على كل شيء قدير)، هذه عقيدة راسخة، لكن أحياناً يتصرف المرء بضدها جهلاً أو ضعف إيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015