مثال آخر عايشته بنفسي، قال لنا أحد العلماء: لماذا تقشرون البرتقال؟ هذا تبذير! فقلت له: وكيف تأكل القشرة يا مولانا؟ قال: نحن في سجن، والقشر هذا يشغل حيزاً في المعدة، فلا ينبغي أن نضيعه، فأكل البرتقال مباشرة، وأنا أنظر للرجل متعجباً! قال لي: جرِّب.
قلت: لا أستطيع.
قال: جرِّب.
فأكلتها بقشرها، والله الذي لا إله غيره كأن القشرة أشد حلاوةً من البرتقال! وظللت على هذا أربعة أشهر، فلما خرجت قلت لبعض إخوتي: نحن نتصرف تصرفاً فيه رعونة: لماذا نقشر البرتقال، إن قشرته جميلة؟ فقالوا لي: هل جرى لعقلك شيء؟ قلت: والله كان القشر أعظم حلاوة من البرتقال! أعطني برتقالة، فقضمت قضمة واحدة ثم تركتها، ما استطعت أن أبلعها.