يعني: مثلاً: الشبهة التي قالها الشاعر الزنديق -على رأي كافة الفقهاء ومنهم من يكفره، وهم يخالفون الأدباء في ذلك؛ لأن هذا الرجل عند الأدباء قمة- أبو العلاء المعري في عبارة صريحة، وذكروا له بعض الأشياء التي كفروه بها، فمن ضمنها شبهة ألقاها -ولو أن واحداً من العلمانيين هذه الأيام لقي هذه الشبهة، فسيقول: كفى! هذا الذي سيخدمنا.
رغم أن الفقهاء أجابوا عنها بكلمة ونصف- قال: اليد إذا سرقت ربع دينار تقطع، والمقصود من الدينار دينار الذهب، فدعنا نقول مثلاً: لو افترضنا أن الدينار بعشرة جنيهات.
أي: لو أن شخصاً سرق مائة وخمسين جنيهاً تقطع يده.
إذا دخل الرجل مع آخر في عراك فأخذ أحدهما السكين وقطع يد الآخر، فإنه يغرم الدية، فكل إصبع ديتها عشر جمال، وسيدفع ألوفاً مؤلفة.
أما أبو العلاء المعري فقد اصطاد هذه النقطة، وقال: يد بخمسين مئينٍ عسجد وُديَت ما بالها قطعت في ربع دينار أي: يد غالية.
عندما يعتدي عليها أحدٌ تكون ديتها ألوفاً مؤلفة، وإذا سرقت مائةً وخمسين جنيهاً يقطعونها، ما هذا التناقض؟! يد بخمس مئين عسجدٍ وُدِيَتْ ما بالها قطعت في ربع دينار تناقض ما لنا إلا السكوتُ له وأن نعوذ بمولانا من النار أي: يريد أن يقول: هذا تناقض ولكن الله هكذا أنزلها فسلم بذلك، فرد عليه الفقهاء لما بلغتهم المقالة وطلبوه ليقتلوه فهرب، ومن ضمن ما رُد به عليه مقولة جميلة للقاضي عبد الوهاب المالكي، وكان من أعيان المالكية ومن فحول العلماء المحققين، قال: لما كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت.
انظر: سطر أو نصف سطر، كلمة ونصف.
وهذه الشبهة لو ألقيت اليوم لكتب عليها مقالات في الجرائد والمجلات، وتصير هذه الشبهة دليلاً من الأدلة وتصير عملاقةً في زمان الجهل.