صدق الصحابة في النصح للمسلمين

ورد في معجم الطبراني أن جرير بن عبد الله البجلي أرسل غلامه ليشتري فرساً، والتجارة شطارة -كما يقال- فكلما ساومت صاحب البضاعة ورخّصت السعر كنت (شاطراً)، فغلام جرير كان هكذا، ذهب إلى السوق فوجد فرساً أعجبه، فأخذ يساوم صاحبه حتى وصل إلى ثلاثمائة درهم، وكان الفرس يستحق أكثر من ذلك، لكن الغلام (فطن)، فاتفقوا على السعر وذهب الرجل والغلام بالفرس إلى جرير، فقال له جرير: بكم اشتريت الفرس؟ قال: بثلاثمائة درهم، فقال جرير لصاحب الفرس: يا صاحب الفرس! فرسك يساوي خمسمائة، فاستاء الغلام جداً من هذه الكلمة، فقال الرجل: رضيت!، قال: يساوي ثمانمائة درهم، فقال له: رضيت!، وأعطاه الثمانمائة درهم وأخذ الفرس، فقال الغلام: ما هذا؟ فقال جرير: (يا بني! إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم!).

فهل هذا المثل موجود في غير الصحابة -إلا من رحم الله وقليل ما هم-؟ لا يمكن له أن يفض البيعة بخمسمائة درهم! فأي وقت هذا، هناك رجل يفض عقده مع الله وهو عقد العبودية مثل منعم كارلس كان مسلماً فكفر لكي يصبح رئيس جمهورية، لأن من شروط رئيس الجمهورية أن يكون نصرانياً، فكفر ونقض العقد والبيعة؛ حتى يصبح رئيساً.

كان الصحابة رجالاً، ولو كان الأمر بيدي لقطعتُ لسان من يقول: الصحابة رجال ونحن رجال، وهو يعني: التسوية، ولا تساوي، فهذا جيل لن يتكرر أبداً، قال له: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم)، فمن الغبن أن أفض هذه البيعة بخمسمائة درهم، فحين تنظر إلى هذه النماذج ترى نماذج عالية يتأسى بها فعلاً، فالجيل الأول كله مكاسب، وإذا اخترت في الأجيال التي تأتي بعد ذلك اختر من كان على منهج هؤلاء، فيلزمك حينئذٍ أن تبحث عن العلماء الربانيين في القرون التي جاءت بعد عصر الصحابة، وستجد عدداً وفيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015