نحن يا إخواننا نضع ضابطاً عاماً بالنسبة لرواية المتكلَّم فيهم في الصحيحين.
الإمام البخاري كان إماماً فذاً، له اختيار واجتهاد، وسيئُ الحفظ ليست كل رواياته ساقطة، وكذلك الثقة الثبت العدل ليست كل رواياته مقبولة.
الإمام مالك وهو مَن هو ثقةً وإتقاناً وضبطاً، رد عليه علماء الحديث بعض أحاديثه.
سفيان بن عيينة، سفيان الثوري، الزهري، شعبة بن الحجاج، منصور بن المعتمر، منصور بن زاذان، الأعمش هؤلاء الثُّلَّة، ما من واحد من هؤلاء إلا رد العلماء عليهم بعضَ أحاديثهم.
كذلك مَن ابتُلِي بسوء حفظ فليس كل حديثه مردوداً.
إذاً: إذا أخرج الإمام البخاري ومسلم حديثاً في الصحيحين لراوٍ تَكَلَّم فيه بعض أهل العلم، نقول: لماذا خَرَّج له البخاري وهو مُتَكَلَّمٌ فيه؟
صلى الله عليه وسلم أن الإمام البخاري إذا تَكَلَّم العلماء في راوٍ فإنه ينتقي من أحاديث هذا الراوي ما لم يُنْكِرْه أهل العلم.
هذا إمامٌ ليس سهلاً، فعندما يكون الراوي مُتَكَلَّماً فيه، وليس كلُّ ما روى باطلاً ولا خطأً، فـ البخاري كان ينتقي الأحاديث انتقاءً.
فكل حديث أودعه البخاري في صحيحه وفيه راوٍ مُتَكَلَّمٌ فيه، إنما انتقاه البخاري على عين، فلا يُطْعَنُ عليه بدعوى أن الراوي مُتَكَلَّمٌ فيه، هذا هو الضابط.
عندما تجيء وتقول: الراوي مُتَكَلَّمٌ فيه فكأنك تقول: إن البخاري مثل بائع اللُّب (الزعقاء) لا يميز، فأنت بهذا أهدرت اختيار البخاري، وألغيت اجتهاده، وهذا لا يجوز؛ لأن المَلَكَة في الاجتهاد في علم الحديث تشكل نصف العلم، فدراسة المصطلح والطرق: النصف، والمَلَكَة: النصف الآخر.