امرأة تعترف بالخيانات، ويجري وراءها الذين أخلدوا إلى الأرض، وصرعهم الملك الذي لا يبقى إلا وجهه، وتصرمت عنهم الدنيا والشهرة التي أهلكتهم.
كل حيّ سيموت ليس في الدنيا ثبوت حركات سوف تفنى ثم يتلوها خفوت وكلامٌ ليس يحلو بعده إلا السكوت أيها التاجر قل لي أين ذاك الجبروت كنت مطبوعاً على اللطـ ـف فما هذا الصموت ليت شعري أهمود ما أراه أم قنوت أين أملاك لهم في كل أفق ملكوت زالت التيجان عنهم وخلت تلك التخوت أصبحت أوطانهم من بعدهم وهي خبوت لا سميع يفقه القو ل ولا حي يقوت عمرت منهم قبورٌ وخلت منهم بيوت خمدت تلك المساعي وانقضت تلك النعوت إنما الدنيا خيالٌ باطلٌ سوف يفوت ليس للإنسان فيها غير تقوى الله قوت {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء:205 - 207].
هذا الشاب الذي صرع خلف المرأة العاهرة أعطاها في حفل العزاء الأخير خاتم من الماس بمليون جنيه، والله أعلم هل خطر بباله أن يؤدي الزكاة المفروضة على المليارات أم لا، إنما البكاء على خساسة الهمم! إن أسلافنا ولدوا وهم ينظرون إلى السماء، فتعلقت أنظارهم بالثريا، وهؤلاء ولدوا وهم ينظرون إلى الأرض، لا يرون إلا شراك النعل وموضع القدم فتعلقت أنظارهم بالثرى: إن الهوان حمار الدار يألفه والحر ينكره والفيل والأسد ولا يقيم بدار الذل يألفها إلا الذليلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوطٌ برمته وذا يشج فما يأوي له أحد هذا هو الهوان، خساسة الهمم دخلت في حياتنا حتى في اختيار الزوجة، وهذا الكلام له صلةٌ متينة بموضوعنا في جيل التمكين، ومواصفات هذا الجيل التليد.
فلو أن رجلاً ذهب إلى الصحراء، واشترى فيها الفدان الذي لا يزرع بمائة ألف، لقال الناس: مخبول ومجنون، يدفع مائة ألف في فدان لا يزرع؟ فهذا الذي ينكره الناس يقعون فيه إذا ذهبوا ليحضروا الحفل الأسطوري الاستفزازي في بلد أغلب أهله جياع، وينشر على صفحات الجرائد: قطعة الجبن بثلاثمائة دولار -يعني: بألف جنيه- قطعة جبن توضع في سندوتش، قطعة جبن بألف جنيه، وفي هذا الحفل يؤتى بمجموعة من البغال المستوردة بمبالغ باهظة تقدر بخمسة عشر ألف دولار؛ لترفع ذيل فستان العروس، وتغطى نوافذ الصالة بثمانية آلاف متر حرير طبيعي، وجعلوا يعددون أشياء لا تدخل تحت الحصر! المهم أن قيمة الحفل الإجمالية بلغت أربعة ملايين جنيه! فيا ترى هذه المرأة المخطوبة كم مهرها؟ وكم مؤخرها؟ وإذا كان الذي أُنفق على ذلك أربعة ملايين، فيا ترى بكم ذهبُ هذه المرأة.
أليس هذا لدفع المال الكثير للأراضي البور، هذه المرأة أليست مثل الأرض البور، ما الذي سيخرج من صلبها؟! يدفع ألوفاً مؤلفة بصدد مثل هذا النمط من النساء الذي ورد في الحديث الصحيح أنه مثل الجرب، المرأة الفاسدة مثل الجرب، فهذا رجل يطلب معاشرة امرأة جرباء، ويدفع فيها كل هذا المال، وإنما هي خسة الهمة في الطلب! فإذا كان هذا مقياسه في طلب شريك حياته، فما بالك ببقية مجالات حياته.
الذي ميز بين الجيل الأول العظيم وبين الأجيال المتعاقبة -كجيلنا مثلاً- هو علو الهمة، فعلو الهمة يطيل نفسك في البذل، وإذا طال نفسك لا يضرك الأذى في الله، ولا يضرك ما فاتك من الدنيا.