من الأشياء التي يضحك لها الإنسان أشد الضحك ما حدث في ولاية تكساس الأمريكية وقد كانت تابعة للمكسيك، هي وكاليفورنيا، فالأمريكان اشتروا كاليفورنيا بالمال، مثل ألاسكا اشتروها بالمال، وتكساس في الجنوب منطقة للصعايدة، حيث كل من يعيش في الجنوب فهو صعيدي، وهذا في العالم كله، تجد أن لهم عادات وتقاليد ظاهرة، فالتمسك بالأخلاق عندهم ظاهر، بخلاف الشمال والوسط.
قال سكان هذه الولاية: لا، أمريكا ليس لها حق أن تأخذ هذه الولاية، فهيا بنا نعمل استقلال، وهذه تصير ولايتنا، وسنحاول أن نعمل حكومة وقضاء ومحاكم مستقلة -مع العلم أن هذه أمة معتادة على التمثيل- تخطر في رأس واحد منهم فكرة فيسعون إلى تنفيذها، والحكومة تسمع هذا الكلام كله ولم تتعرض لهم كل واحد يمارس هوايته.
ومن الأشياء المضحكة والغريبة: أن امرأة دخلت مقهى وطلبت قهوة، فأعطوها قهوة ساخنة في كوب مغطى، فوضعت الكأس بين فخذيها حتى تفتح الغطاء، وهي تفتح الغطاء انسكبت القهوة عليها فسلخ الجلد، فرفعت قضية على صاحب المقهى، فأخذت -تعويضاً- عشرين مليون دولار! هل رأيت في حياتك أعجب من هذا! غير أن القاضي الذي حكم استكثر المبلغ فتم الأمر على مليونين.
ثم يأتي إنسان حقير عندنا في الإعلام يقول: انظر الحقوق بائنة! لا أحد يضيع حقه.
أين حق هذه المرأة؟ من الذي أعطاها هذا الحق حتى بالمفهوم الإنساني؟! دعك من الحكم الشرعي في الدين، وانظر إلى هذه الحادثة بالعقل: امرأة أخذت كأساً من القهوة لكي تشربها فانسكب على فخذيها فانسلخ الجلد ما ذنب الرجل؟! ولو أعطاها إياها باردة ترفع عليه قضية! لماذا؟ كيف يعطيها القهوة باردة؟! وهل هناك شخص يشرب قهوة باردة؟! شيء عادي، ويعرض لك المسائل هذه كأنه مجتمع متماسك، والقضاء فيه على أحسن حال إلخ! وإخواننا المسلمون هناك مظلومون ظلماً فضيعاً، بعضهم في السجون بلا جريمة؛ إلا أنك تعيش في بلده بدينك، وهو لا يريد ذلك.
فهؤلاء الناس عملوا حكومة بينهم وبين بعضهم، واتخذوا لأنفسهم مقراً، وبدءوا يرفعون قضايا على أصحاب البيوت، وفعلاً طردوا أناساً من بيوتهم، ولأنه مجتمع مغرور صار ينضم إليهم أناس من رجال الأعمال حتى صار لهم شوكة، وصار عندهم طائرات (هيلوكبتر) يطيرون بها يتفقدون أمر الجمهورية الجديدة، ولما وجدوا أن العملية صارت حقيقة، حتى الأطفال كبرت المسألة في عقولهم؛ دخلوا عليهم فاجتاحوهم وخلصوهم، ووضعوهم كلهم في السجون، ومازال أصحاب البيوت يرفعون قضايا لكي يثبتوا أنهم مظلومون، ويريدون أن يسترجعوا بيوتهم! فإخواننا هؤلاء عندما يعيشون في وسط أولئك، تنتقل إليهم كل أمراض المجتمع الأمريكي، ويا ليتهم يجلسون لعلم نافع يفيدون به الأمة، وإنما أغلبهم سواقين سيارات أجرة، ولو قلنا أنهم يريدون تحصيل رأس مال ثم يعودون إلى البلد لإقامة عمل تجاري لهان الأمر، ولكن نقول لهم: يا جماعة! عندكم رءوس أموال، يقولون: لا تكاد تكفي للعيش في هذه البلاد.
لماذا؟ لأنه مجتمع مفتوح، لو معك مائة دولار، أو عشرة ألف دولار، أو مائة ألف دولار ستصرفها، مجتمع فيه كل ما تريد.