توجه النبي عليه السلام بعد ذلك إلى بناء الأفراد، فآخى بين المسلمين، فآخى بين حمزة وزيد بن حارثة مولاه، ليس هناك شرف نسب ولا علو الحسب، فـ حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤاخي بينه وبين مولاه زيد بن حارثة، وبينه وبين علي.
الشاهد: آخى بين المهاجرين أنفسهم وبين المهاجرين والأنصار، وأصبحت تلك الأخوة بمثابة أخوة النسب، بل مقدمةٌ عليها إذا لم يكن الإسلام موجوداً، فلو أن شخصاً آخى بينه وبين شخص آخر وهما مسلمان، ولأحدهما أخ كافر، فإن الأخوين بالمؤاخاة في الإسلام يتوارثان، والأخ الكافر لا يرث أخاه المسلم، فحلت المؤاخاة محل النسب إلى أن نزلت آية المواريث: {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب:6].
السؤال هنا: كيف سلك الإسلام طريق المؤاخاة وماذا جنى من ورائها؟! المتأمل في منهج القرآن الكريم والسنة النبوية في المنهج العلمي، لإيجاد الأخوة بين أبناء المسلمين، ونتائج تلك الأخوة يجدها وحيدة لم توجد قبل الإسلام، ولم توجد أي طائفة ولا أي نظام ولا أية دعوة في العالم كله وصلت إلى ما وصل إليه الإسلام في تلك المؤاخاة، ولا جنى أحد من وراء أي مؤاخاة ولا ارتباط كما جنى الإسلام من تلك المؤاخاة.