المقدم: هناك أيضاً دعوى نسمعها مفادها: أن مذهب الوهابية -كما يسمى- هو المذهب الخامس بعد المذاهب الفقهية الأربعة.
الشيخ: نعم، فهذه أيضاً من الأمور التي لا تزال مع الأسف تثار حتى عند بعض من ينتسبون للعلم، وعند من زاروا هذه البلاد خاصة، وذلك بعد هذا الانفتاح وظهور المؤسسات العلمية، كالجامعات ومراكز البحوث والمؤتمرات والمجمعات والمجامع التي جمعت علماء المسلمين في هذه البلاد وغير هذه البلاد، والذين عرفوا فعلاً أننا لسنا مذهباً خامساً، ومع ذلك لا تزال هذه الشبهة تقال، ودعني أيضاً أوثق هذا من كلام أئمة الدعوة.
يقول: ولا نفتش على أحد في مذهبه -هم اتهموا بأنهم يرغمون الناس ألا يقبلوا غير مذهبهم- ولا نعترض عليه إلا إذا اطلعنا على نص جلي مخالف لمذهب أحد الأئمة، وكانت المسألة مما يحصل بها شعار ظاهر كإمامة الصلاة، فنأمر الحنفي والمالكي مثلاً بالمحافظة على الطمأنينة والاعتدال؛ لأنه لا يعقل أن الإمام أبا حنيفة لا يرى الطمأنينة والاعتدال، فهذه اجتهادات جاءت عن أصحابها، ونحن ننكر ما يخل بالصلاة مثلاً، والجلوس بين السجدتين؛ لوضوح دليل ذلك، بخلاف جهر الإمام الشافعي بالبسملة فلا نأمره بالإسرار، فإذا عرفنا أن مذهبه شافعي ما ننكر عليه لماذا تجهر، ولا نلزمه بالإسرار قال: وشتان ما بين مسألتين، قال: فإذا قوي الدليل أرشدناهم بالنص وإن خالف المذهب، وذلك يكون نادراً جداً، ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض فلا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد، وقد سبق جمع من أئمة المذاهب الأربعة إلى اختيارات لهم فيها بعض المسائل مخالفين المذهب المتزن.
ثم يقول: ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة المعتبرة، ومن أجلها لدينا تفسير ابن جرير ومختصره لـ ابن كثير والشافعي وكذا البغوي والبيضاوي والخازن والحداد والجلالين وغيرهم.
لكن مع التحفظ على بعض الأخطاء الموجودة في هذه الكتب.
قال: وعلى فهم الحديث بشروح الأئمة المبرزين كـ العسقلاني أو القسطلاني على البخاري والنووي على مسلم والمناوي على الجامع الصحيح.
بمعنى: أن هؤلاء يمثلون عدة مذاهب ومدارس، وعليه فنعول على كتبهم ونرجع إليها في ذلك الوقت، أي: في أول قيام الدعوة قبل ما يسمى بالانفتاح.
يقول: ونحرص على كتب الحديث خصوصاً الأمهات الست وعلى شروحها، ونعتني بسائر الكتب في سائر الفنون أصولاً وفروعاً وقواعد وسيراً ونحواً وصرفاً وجميع علوم الأمة.
ثم قال: ولا نأمر بإتلاف شيء من المؤلفات أصلاً، إلا ما اشتمل على ما يوقع الناس في الشرك.
ثم قال: وما يفعله بعض الجهلة نتبرأ منه.
المقدم: إذاً: مذهب الشيخ: محمد بن عبد الوهاب هو لا ينفك عن المذاهب الأربعة الفقهية، وإن كان رحمه الله يعتمد على الدليل وصحة الدليل، سواء وافق المذهب أم لم يوافق.