من مظاهر الخلل في منهج التلقي والذي هو سبب للافتراق: الاستقلالية عن العلماء والأئمة، أي: استقلالية بعض المتعلمين الأحداث عن العلماء، فيكتفون بأخذ العلم عن الكتاب والشريط والمجلة والوسيلة، ويعزفون عن التلقي عن العلماء، وهذا منهج خطير، بل هو بذرة خطيرة للافتراق، ولو رجعنا إلى أسباب الافتراق في أول تاريخ الإسلام -افتراق الخوارج والرافضة- لوجدنا أن من أهم أسباب وجود هذا الافتراق فيمن ينتسبون للإسلام، وأعظم أسباب هلاكهم وافتراقهم هو انعزالهم عن الصحابة، وأخذهم العلم عن أنفسهم، قالوا: علمنا القرآن وعلمنا السنة فلسنا بحاجة إلى الرجال، وهذا حق أريد به باطل.
فمن هنا استقلوا عن منهج التلقي الصحيح المأخوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم بالقدوة والاهتداء، والذي أخذ عن الصحابة وعن السلف بهذا الطريق هم العدول جيلاً عن جيل.
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يأخذ هذا العلم من كل خلف عدوله)، والعدول: هم الثقات الذين يأخذون الدين وينقلونه إلى الآخرين.
والاستقلالية خطر كبير جداً؛ لأن العلم إنما تكون بركته وتلقيه الصحيح عن العلماء، والعلماء لا يمكن أن ينقطعوا في أي زمان.
ودعوى بعض الناس أن في العلماء نقصاً وتقصيراً هذه دعوى مضللة، نعم العلماء بشر لا يخلون من نقص وتقصير، لكنهم مع ذلك هم القدوة، وهم الذين جعل الله أخذ الدين عن طريقهم، وهم أهل الذكر، وهم الراسخون، وهم أئمة الهدى، وهم المؤمنون الذين من تخلف عن سبيلهم هلك، وتلقي العلم عن غير أهله خطر على صاحبه وعلى الأمة.