أخذ العلم من غير أهله

أولاً: أخذ العلم عن غير أهله، وأقصد بذلك أن الناس صاروا يأخذون العلم عن كل من دعاهم إلى التعلم، وكل من رفع على نفسه فوق رأسه راية الدعوة وقال: أنا داعية، جعلوه إماماً في الدين وتلقوا عنه، وقد لا يفقه من الدين شيئاً.

فلذلك ظهرت في العالم الإسلامي دعوات كبرى ينضوي تحت لوائها ملايين من الناس خاصة الشباب، وأئمتها جهلة في بدهيات الدين، فيفتون بغير علم، ويَضلون ويُضلون، وسبب ذلك أنهم وجدوا أتباعاً لهم يأخذون عنهم دون ترو ودون تثبت، ودون منهج صحيح، لا يتثبتون هل هم أهل للتلقي أم لا؟ ثم أيضاً الناس تجذبهم العواطف أكثر مما يجذبهم العلم والفقه، وهذا خطأ فادح، بمعنى أنه بمجرد أن يظهر الداعية وتكون له شهرة وأثر في الناس يجعله الناس إماماً في الدين، حتى لو لم يعلم شيئاً، وهذا خطأ فادح، بل لا ينبغي أن يتصدر الدعوة إلى الله ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا العلماء الأجلاء الذين يفقهون الدين، ويأخذونه من أصوله على منهج سليم صحيح، وإلا فليس كل من حُشي ذهنه يكون إماماً في الدين؛ لأنه قد يوجد من الفسقة بل قد يوجد من الكفرة من يعلم من فرعيات الدين الشيء الكثير، ووجد من المستشرقين من يحفظ بعض الكتب الكبيرة في الفقه الإسلامي، بل حتى منهم من يحفظ القرآن، ويحفظ صحيح البخاري، ويحفظ بعض السنن.

ووجد من المستشرقين منذ سنين من يحفظ المغني في الفقه الحنبلي تسعة مجلدات، فهذا يحفظ العلم، لكن لا يفقه من الدين شيئاً، وقد يكون هناك مثله ممن يدعي الإسلام، قد يكون عنده من المعلومات الشيء الكثير، لكن لا يفقه منهج التلقي، ولم يأخذ الدين عن منهجه الصحيح، فصار يفتي بغير علم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015