رابعاً: مما يجب أن يعنى به العلماء والدعاة في ترشيد هذه الصحوة وتوجيهها والنصح لها بل والنصح للمسلمين جميعاً: ترسم نهج أهل السنة والجماعة وبيانه وشرحه وتعليمه وتيسيره للناس، نهج أهل السنة والجماعة هو نهج الحق، وهو الذي هو نهج الفرقة الناجية، وهو سبيل المؤمنين وهو الصراط المستقيم الذي أمر الله كل مسلم بأن يدعو الله أن يهديه إليه، حيث قال سبحانه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6 - 7] والمغضوب عليهم والضالون هم اليهود والنصارى، وهم رمز لأهل الضلالة جميعاً؛ فإن اليهود والنصارى يجتمع فيهم الشرك والكفر والنفاق فهم يجمعون جميع أنواع سبل الشر والضلال.
كما أن أهل الافتراق في الأمة كلهم فيهم شبه في أمور باليهود والنصارى، فكل طائفة تضل من هذه الأمة لا بد أن يوجد فيها شبه من جانب أو أكثر باليهود والنصارى، فيكون ذلك اتباعاً لغير الصراط المستقيم.
أقول: إن نهج سبيل أهل السنة والجماعة هو نهج النبي صلى الله عليه وسلم في العلم والعمل، في الهدي الظاهر والباطن، ونهج الصحابة في الاعتقاد والعمل، وما يستلزمه ذلك من بيان وترسم أصول الدين كلها، أصول التلقي والاستدلال، وأصول أخذ العلم وتحقيق العدل، وأصول الاحتساب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد وأصول تحقيق الخير والقوة للأمة في دينها ودنياها.
أصول التعامل مع الأشياء والأحداث والأشخاص، وأصول التعامل مع الآخرين، وأصول الولاء والبراء وغير ذلك من الأصول القطعية الواضحة في الأعمال والاعتقادات، هذه الأصول كلها مرسومة مبينة وواضحة، وهي سبيل المؤمنين، وهي سبيل القرون الثلاثة الفاضلة.
وهذه الأصول تحتاج إلى شيء من التعليم والبيان للناس، تحتاج إلى أن تدرس لهذه الصحوة المباركة، وأن تبين لها معالمها؛ لأن الحق كاد أن يضيع أمام تيارات الانحراف ومناهج البشر الضالة؛ فلذلك كان لا بد لهذه الصحوة أن تترسم بنفسها نهج أهل السنة والجماعة، وأن تتلمسه وتقتفيه وتحرص عليه.