ثانياً: من أخطر أدواء هذه الصحوة في بعض فصائلها وبعض شبابها، وبالطبع ينبغي أن يفهم أن أكثر هذه العيوب توجد في شرائح من المسلمين وفي طبقات، وليست في جميع المسلمين، وفي جميع أبناء الصحوة، لكن مع ذلك لابد من الاعتراف بها، وإن وجدت في قلة من الشباب أو من المسلمين.
أقول: من أخطر هذه العيوب والسلبيات: الجفوة المفتعلة بين العلماء والشباب، والتي يغذيها خصوم الدعوة وينمونها بكل وسيلة، وهذه الجفوة منها: جانب حقيقي، ومنها: جانب وهمي مفتعل ومتكلف أو سعى إليه خصوم الإسلام، وتتمثل هذه الجفوة بأمور: أولها: قلة الشباب الذين يتلقون العلم الشرعي عن المشايخ، وأكثرهم يتلقون العلم الشرعي إما عن بعضهم، أو عمن هم دون طلاب العلم والمشايخ، وهذا أمر لا ينكر لذاته؛ لأن تحصيل العلم الشرعي يكون عن كل من كان لديه علم وأجاده ولو لم يكن عالماً، لكن الخطير هو الاستغناء بالشباب الأحداث وطلاب العلم الصغار عن أخذ العلم عن الكبار.
أما أخذ العلم عن الجميع فهو أمر شرعي، ولا يتأتى للناس ألا يأخذوا العلم إلا عن الكبار؛ لأن هذا أمر لا يمكن مع كثرة الواردين وكثرة الطالبين.
لكني أقول: إن ظاهرة عزوف الشباب عن أخذ العلم عن المشايخ ظاهرة لا تزال موجودة، تحتاج إلى شيء من النظر والعلاج.
كما تتمثل هذه الجفوة بالتفاوت بين الشباب والشيوخ والعلماء، التفاوت الذي سببه ضعف التلقي، أي: تلقي الشباب من مشايخهم، التفاوت في التفكير والتفاوت في الحكم على الأشياء، والتفاوت في النظرة إلى الأمور الخطيرة في حياة الأمة ومستقبلها.
ولو قلنا بالإنصاف لوجدنا أن المسئول الأول عن هذا التفاوت ليس هو المشايخ والعلماء الكبار بقدر ما هم الشباب، أو الموجهون للشباب.