الوقفة الثالثة: في مظاهر هذه الصحوة وفي سماتها: مظاهر الصحوة وسماتها كثيرة ومختلفة بحسب رؤية الرائين، وبحسب نظرة المراقبين لهذه الصحوة، أو المعايشين لها، أو خصومها، لكني ألخص أهم هذه المظاهر بما يلي: أولاً: تنامي التدين، أي: العودة إلى الإسلام والسنة، والالتزام الشرعي في كل شرائح الأمة، بل في كل مكان، وكل بقعة من الأرض، وعلى كل مستوى من المستويات، وليس فقط في الشباب كما يظن بعض الناس، وإن كان أبرز مظاهر هذه الصحوة وجودها في الشباب، أو تنامي التدين في الشباب، لكن هذا مظهر من المظاهر، ونجد للصحوة مظاهر شتى في جميع مجالات حياة الأمة، وفي جميع شرائحها في الصغار والكبار، وعلى كل المستويات الرسمية وغير الرسمية.
ثانياً: من مظاهر هذه الصحوة: ظهور الجماعات الكثيرة في الدعوة إلى الله، بصرف النظر عن إيجابية هذه الظاهرة أو سلبيتها، إنما ظهور الجماعات وكثرتها والتفاتها إلى الدعوة والحسبة كل ذلك مظهر من المظاهر الجلية للصحوة.
ثالثاً: القوة في الحق في أبناء هذه الصحوة، والجرأة في الصدع بالحق.
رابعاً: تتمثل الصحوة أيضاً في جرأة الشعوب على النداء بالعودة إلى الإسلام في كل مكان، وفي كل زمان، رغم ما يكتنف هذه النداءات والشعارات من الجهل والتقصير والتجاوز إلا أنها ظاهرة قوية في جميع الشعوب في العالم الإسلامي، بل وحتى في غير العالم الإسلامي، حتى في الأقليات الموجودة في البلاد الكافرة، نجد أن مظاهر الاعتزاز بالدين والالتزام، ومحاولة استعادة المكانة اللائقة بالمسلم شملت جميع الأرض، وما من حجر أو مدر فيه إنسان مسلم إلا ونجده بدأ يشعر بعزة الإسلام، وعزة المسلم، وهذه ظاهرة أقضت مضاجع الأعداء والخصوم.
خامساً: تتمثل الصحوة بهذه النهضة العلمية الشرعية العارمة القوية في كل مجال وفي كل مكان، وعلى كل مستوى، وتتمثل هذه النهضة في كثرة المؤلفات الجيدة المؤصلة، وفي كثرة الوسائل الأخرى التي تنشر العلم الشرعي من النشرات والكتب والأشرطة وغيرها.
كما تتمثل أيضاً: بكثرة المراكز العلمية والجمعيات وتناميها.
المظهر السادس: محاولة استئناف الريادة لأهل الريادة الشرعية، ريادة الأمة بالعلماء وأهل الفقه في الدين، وهذه المحاولة محاولة جادة نشطة في الشباب وفي غير الشباب من شرائح الأمة وطبقاتها، فنجد أن المسلمين بدءوا يشعرون بأنهم بحاجة إلى الالتفاف حول أهل العلم والفقه في الدين، وإلى إحياء معاني أهل الحل والعقد في الأمة بعدما كاد هذا المعنى يضيع، وبعدما سيطرت العلمنة على الأمة فمكنت للرؤساء الجهال الذين قادوا الأمة إلى العلمنة والإعراض عن دين الله.
فاستئناف الريادة للعلماء وأهل الفقه في الدين ظاهرة جلية واضحة بحمد الله، تتمثل في الالتفاف حولهم، وفي رد اعتبارهم، وفي السماع منهم، وفي الصدور عن قولهم ورأيهم وتوجيههم، رغم ما في ذلك من التقصير والتجاوزات، إلا أن هذه في نظري ظاهرة عامة قوية تتنامى وتزيد.
السابع: إحياء شعائر الدين الظاهرة وغير الظاهرة من إقامة الصلاة، وإقامة الفرائض والسنن، وإحياء الجهاد، وإحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحسبة بمعانيها الشاملة.
ثامناً: السعي للخروج بالأمة من حالة الإعراض عن دين الله تعالى والصد عنه أحياناً، ومن حالة الجهل والفرقة وهيمنة البدع والتخلف العقدي، ومن التبعية الفكرية والثقافية والسياسية، إلى العزة التي أرادها الله سبحانه وتعالى.
تاسعاً: تتمثل مظاهر هذه الصحوة وآثارها في تنازلات بعض الأنظمة والدساتير بالاعتراف بالإسلام، وإن كان شكلياً إلى الآن، لكنه تنازل يدل على أن الله سبحانه وتعالى أراد لهذه الأمة أن تنهض فألقى الرعب في قلوب أعداء الإسلام في الداخل والخارج.
عاشراً: خروج الكفار والخصوم عن صمتهم، وعن الكيد والدس الخفي إلى إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين إعلاناً سافراً، لا التواء فيه، بل إنهم أعلنوا رهبتهم من هذه الصحوة، حتى أن رئيساً من أكبر رؤساء الغرب يوصي رئيساً من أصغر رؤساء الشرق بأن يحذر من الأصولية، وهذه مسألة لا يبوح بها رئيس في أمر خطير من أهم أمور الغرب الاستراتيجية إلا والأمر وصل إلى حد الخروج عن الصمت والفزع الذي أقض المضاجع عند الغرب.
أقول: إن من أبرز مظاهر الصحوة: خروج الكفار وخصوم الدعوة وخصوم الإسلام والمسلمين في الداخل والخارج عن صمتهم، وإعلانهم رهبتهم من الصحوة، وإعلان حالة الطوارئ سياسياً في جميع العالم.