Q نجد أن كثيراً من العلماء أو ممن يسمون بذلك يداهنون الباطل وأهله، ولا يحرصون على إنكار المنكر وتغييره، بعكس من ينتسبون إلى الدعوة فإن أحدهم يجد في نفسه الغيرة والحماس ويهب للدعوة دون علم، ثم ينكر على العلماء ما هم فيه فيتركهم وينفصل عنهم، فما رأيكم في ذلك؟
صلى الله عليه وسلم هذا الكلام فيه إجمال أوافق على بعضه، ولا أوافق على البعض الآخر، فأنا أقول: قد يوجد ممن ينسب إلى العلم من هو مقصر، وقد يوجد ممن ينسب إلى العلم من يرتبط بهيئات أو جهات تسيء إلى سمعته، لكن ليس هذا هو الأصل والغالب، وإن كان هو الغالب فلا يعني هذا أنه لا يوجد من العلماء طائفة ليست على هذه الشكل، بل في كل بلد من بلاد المسلمين -بحسبها- يوجد علماء ليسوا على هذه الشاكلة.
وإنما موازين بعض الدعوات مختلة؛ لأنهم وضعوا لأنفسهم مناهج وقواعد وأصولاً وقوموا الناس على ضوء هذه المناهج والقواعد والأصول، فما كان يتناسب أو يعايش هذه القواعد والأصول التي هم عليها، رضوا عنه وأثنوا عليه، ومن لم يتناسب قالوا فيه قولاً أو هجروه أو عزلوه.
بل إن من الدعوات الكبرى المشهورة من إذا ظهر فيها عالم متبحر في العلم انعزل عن قيادتها وبقي على هامشها، والمسألة فيها نظر، ولاشك أن في غالب بلاد المسلمين من العلماء من هجرهم الدعاة، وهجرتهم الدعوات بغير حق، ثم لو افترضنا هذا جدلاً فهل سعت الدعوات إلى تعليم النابهين فيها إلى أن يتبحروا في العلوم الشرعية، ويكونون أئمة في الدين فيقودونها إلى الخير والسنة؟ الغالب لا، بل العكس هو الصحيح، وعلى ذلك شواهد وبراهين.
وقد تكون للعلماء منزلة هامشية كأن يستشارون في بعض الأمور، أو يسرع أو يفزع إليهم عندما يكون للدعوات غرض، ويتركون في حالات أخرى، وهذه ازدواجية لا تجوز؛ لأن العلماء هم القادة في الحالات الضرورية، والحالات غير الضرورية، عندما يوافقون وعندما يخالفون.
فإن وافقوا الدعوات فهذا هو الأصل، وإن خالفوها فالدعوات في الأصل هي المتهمة، وينبغي أن تحرر الأمور شرعاً بين الدعاة وبين العلماء.