من المسلمات: أنه لا يصح إيمان المسلم حتى يستقر في قلبه الإيمان، الإيمان بالله عز وجل ومحبته ورجاؤه وخوفه، بأن يحب الله ويحب ما يحبه ويبغض ما يبغضه؛ لأن الله حكم بأن من لم يفعل ذلك فليس بمسلم ولا مؤمن، والله عز وجل فرق بين الهدى والضلال، وبين الحق والباطل، وبين الفضيلة والرذيلة، وبين الإيمان والكفر، وأنكر أشد الإنكار على من لم يفرق، كما قال سبحانه: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:35 - 36].
وقال سبحانه: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة:18].
ولذلك ينبغي أن تكون أعمال المسلم، أي: أعمال الجوارح ظاهرة في تعامله مع الأشخاص، فإن التمييز بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وبين الفضيلة والرذيلة من ضروريات الدين وإن كانت تتفاوت، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) وقد ورد في بعض الألفاظ: (وذلك أضعف الإيمان).
بمعنى أنه من لم ينكر في قلبه المنكر ليس عنده إيمان قط، ومن لم يكن عنده أدنى ذرة من الإنكار للمنكر فليس بمؤمن، فقد نفى الله عز وجل الإيمان عمن في قلبه مودة لمن حاد الله ورسوله، قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22]، هذا يدل على نفي الإيمان في قلب من لم يعمل بمبدأ الولاء والبراء مطلقاً، وإلا فإن الولاء والبراء قد يضعف في قلب المسلم بقدر قوة إيمانه أو ضعفه، لكن أن ينعدم الولاء والبراء فقد نفى الله الإيمان عن هذا الصنف.