من هذه المسلمات: أنه لا بد من الحكم بكفر الكافرين الخلص، وأنهم من أهل النار، فهذا أمر لا ينبغي أن يجادل فيه مسلم، الكافرون الخلص هم اليهود والنصارى وأصحاب جميع الديانات الوضعية والوثنية كل من لم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويدخل في ذلك المنافقون الخلص، ويدخل في ذلك المرتدون، هؤلاء يدخلون في حكم الكفر الخالص، وأنهم من أهل النار، وهذا الحكم إجمالي لا يتعلق بمعين؛ لأن المعين لا نعلم على أي حال لقي الله عز وجل سواء المسلم أو الكافر، لكن يبقى الحكم على العموم وعلى الظاهر، ونحن لا نعلم إلا بالظاهر، ولذلك فنحن نحكم بالظاهر.
فعلى هذا من المسلمات التي لا يجوز الجدال فيها: أن الله حكم بكفر الكافرين الخلص، أما من كان مسلماً فالحكم بكفره يحتاج إلى قواعد أخرى ليس هذا مجال الحديث عنه.
إذاً: الأصل في المسلمين الإسلام، والأصل في الكفار الكفر، ولا ينبغي للإنسان أن يجادل في هذه المسلمة إلا بما يحكم به أهل العلم على ضوء قواعد الشرع، والله عز وجل يقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [البينة:6]، ولم يرد في الكتاب والسنة استثناء أحد من الكفار أبداً، وحكم الله فيهم قاطع أنهم كفار وأنهم من أهل النار، أما مسألة الحكم على المعين فهذه مسألة أخرى تحتاج إلى تفصيل.
الإسلام هو دين الله في كل زمان بحسبه، فالإسلام في عهد جميع الأنبياء هو ما جاء به كل نبي، ثم الإسلام بعد بعث النبي صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الدين، فليس الإسلام غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه، وهو هذا الدين المتمثل بالكتاب والسنة، فمن ابتغى غيره من الديانات فقد كفر وارتد، ومن هنا ندرك خطورة مسلك بعض الذين يدّعون الإسلام ويدْعون إلى الجمع بين الديانات الكتابية، وهي ما تسمى بالديانات الإبراهيمية، هذه كفر وضلال مبين، فإن الله عز وجل حكم بكفر اليهود والنصارى ونسخ دينهم المبدل، وأمرهم وجوباً وحتماً بأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به، فلا يجوز للمسلمين أن يعدوهم من أهل الديانات الصحيحة أبداً، وعلى هذا فإن دعوى صحة الديانات السابقة، أو أنها ممكن أن تجتمع على أصول أو نحو ذلك كله من الباطل؛ لأن الله عز وجل أغنى المسلمين بالحق عن أن يحتاجوا إلى الديانات الباطلة المنسوخة، وأصول الإسلام لا تتوافق مع ما عند أهل الكتاب، فالإسلام فيه غنى عما عندهم، فيجب عليهم هم أن يرجعوا إلى الإسلام، لا أن يعود المسلمون إليهم أو يتقربوا إليهم بأي أصل من الأصول، فإن ذلك من الكفر والضلال المبين.