وكذلك من مناهج السلف في الرد: أنهم لا يسلكون مسلك التشفي من الخصم، فالتشفي لا يرد في عباراتهم، خاصة إذا صار من الخصم شيء من الضعف أو الانهزام؛ فإنهم يعينونه على نفسه؛ لعله يرجع إلى الحق فلا يتشفون منه أو يشهرون به كما يفعله أهل الأهواء.
كذلك فإن السلف لا يشهرون بالمخالف، وإن كان صاحب بدعة، أو صاحب مقولة فاسدة، إلا إذا عمت بها البلوى، واشتهر اسمه ورفع الراية وأعلن نفسه؛ فمن هنا يكون هو الذي شهر بنفسه، وإذا شهر لا يمكن أن يرد الباطل إلا بسلاح يكافئه، ومن التكافؤ أن المشهر يشهر به، أو من اشتهر يشهر به، أما ما عدا ذلك فلا يشهر به، فالسلف ما كانوا يشهرون بالمخالف.
كذلك اعتماد الحكمة والموعظة الحسنة ما دام المجال يسع ذلك.