الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وآله ورضي الله عن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فإن موضوع الرقى وما يدور حولها من تساؤلات، وما يجري من كثير من الرقاة من تجاوزات يحتم على كل من يهمه الأمر، سواء من العلماء وطلاب العلم، أو من المسئولين وأهل الحسبة، أن تتضافر جهودهم في علاج كثير من المشكلات التي تنشأ عن الأخطاء حول الرقية؛ ولذلك سيكون حديثي في ثلاثة أمور: أولاً: في أصل الرقية شرعاً.
ثانياً: الأسباب التي جعلت الكثيرين من مجتمعنا في هذا اليوم يحتاجون إلى الرقية ويلجئون إلى الرقاة، سواء منهم من يرقي على أصول شرعية، أو من يقع في أخطاء، إما لجهل، أو تجاوزات مقصودة وغير مقصودة.
ثالثاً: الإشارة إلى أهم الأمور التي ينبغي أن تكون في الرقية الشرعية، ولعلي أطيل الحديث عما يحدث من أخطاء وتجاوزات حول الرقية، سواء من بعض الرقاة، أو من الذين يحتاجون إلى الرقية من المرضى وأولياء المرضى.
أولاً: ينبغي أن نعرف ما هي الرقية، كثير من الناس يخلط بين الأوراد والتحصينات الشرعية وبين الرقى، مع أن بينهما تشابهاً من وجوه واختلافاً من وجوه كثيرة، وكثير من الناس يخلط بين الرقية والتداوي بالأسباب المشروعة وغير المشروعة؛ ولعل سبب ذلك أن بعض الرقاة لا يكتفي بالرقية الشرعية، فيضيف إليها من تخرصاته وأوهامه أو من تجاربه الشخصية، التي هي أشبه غالباً بالشعوذة، حتى صارت عند بعض الناس من لوازم الرقية.
الرقية المشروعة: يقصد بها طلب الشفاء من الله عز وجل، إما عن طريق القرآن، فهو الشفاء والرحمة، وهو الهدى والنور، أو عن طريق الأدعية المشروعة، سواء منها المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وسلف الأمة، أو غير المأثور إذا لم تكن تشتمل على معان غير مشروعة، أو عبارات أو طلاسم أو أشياء لا يكون لها أصل شرعاً، أو تتنافى مع الشرع، هذا هو الأصل في الرقية، ومع ذلك فإن الناس اليوم أضافوا إلى الرقى أشياء كثيرة، فأدخلوا التمائم وغيرها من الأعمال غير المشروعة ضمن الرقية وكأنها من الرقى، وهذا ما سأركز عليه.