إن السلف في ردودهم ودفاعهم عن العقيدة لا يذكرون أسماء أصحاب البدع والمقولات المردودة عليهم إلا إذا كان صاحب البدعة اشتهر ببدعته، أو كان داعية إليها، فعندئذ لا يجوز أن يترك، بل يشهر به باسمه؛ لأنه إذا أعلن فقد عمت به البلوى وتعلق الناس بشخصه، وإذا تعلق الناس بشخصه، فقد يكون من مقتضيات الرد التحذير من شخصه ومن مقولته في آن واحد.
لكن إذا اشتهرت البدعة من غير قائل؛ فلا ينبغي أن نفتش عن قائلها، لأننا في الغالب نرفع له راية، والتجربة أثبتت أن كثيراً من أهل الأهواء والبدع الذين اشتهروا كانوا من المغمورين، حتى تعجل بعض المنتسبين لأهل السنة في ذكر أسمائهم، فتعاطف معهم أهل البدع وتكاثروا عليهم وتحلقوا معهم، وانتشرت بدعتهم بهذا الأسلوب غير المناسب.
فالمنهج الأسلم أنه ما دام لم يعلن ولم يشتهر؛ فالأولى أن يرد على بدعته على مبدأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام)، من هم الأقوام؟ لا ندري، إنما الذي يهمنا أن نرد الشر، لكن لو اشتهروا وصاروا أصحاب راية، أو انتصبوا قدوات شر؛ فمن هنا لا بد من التصدي لهم بأشخاصهم.
كذلك من مناهج السلف في الرد: أنهم لا يسكتون عن القول المخالف إذا كان فيه خطر على الأمة، ولا عن المبتدع المخالف إذا جاهر ببدعته أو عمت به البلوى.