الموضوع السادس: في أصناف الذين نهينا عن التشبه بهم: باستقراء نصوص الشرع نستطيع أن نتعرف على أكثر هذه الأصناف لا على سبيل الحصر لكن على سبيل التقريب: الصنف الأول: ورد النهي عن التشبه بالكفار عموماً دون تخصيص، وعلى هذا يدخل في ذلك المشركون، واليهود، والنصارى، والمجوس وغيرهم، فقد نهينا عن كل ما هو من خصائص الكفار في العبادات، والعادات، واللباس، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمرو حينما رأى عليه ثوبين معصفرين: (إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها)، وهذا فيه دليل على أن اللباس إذا كان من خصائص الكفار فلا يجوز للمسلم لبسه.
الصنف الثاني: المشركون، كذلك قد ورد النهي عن عبادتهم وأعيادهم وأفعالهم الشركية مثل المكاء والتصدية -وهو الصفير- والتصفيق، ومثل الاستشفاع بالمخلوقات إلى الله سبحانه وتعالى في الدنيا على وجه العبادة والتوسل ومثل النذر والذبح عند القبور ونحو ذلك.
كذلك أيضا مما ورد النهي فيه عن أفعال المشركين: الإفاضة من عرافات قبل الغروب.
وكان السلف رحمهم الله يكرهون كل ما هو من خصائص المشركين، وكل ما هو من أعمالهم، كما قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وغيره: من بنا ببلاد المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم حتى يموت حشر معهم يقوم القيامة.
وقد كره ابن عمر رضي الله عنهما وضع الشرفات على المساجد، ونهى عن ذلك في أكثر من مناسبة؛ لأنه كان يرى أنها تشبه أنصاب المشركين.
الصنف الثالث: أهل الكتاب، والمقصود بهم: اليهود والنصارى؛ فقد نهينا عن كل ما هو من خصائص اليهود والنصارى في عقائدهم وفي عباداتهم وفي عاداتهم وفي لباسهم وفي أعيادهم، مثل البناء على القبور واتخاذها مساجد، ورفع الصور، والافتتان بالنساء، وترك أكلة السحور، وعدم صبغ الشيب ونحو ذلك.
الصنف الرابع: المجوس.
والصنف الخامس: الفرس والروم، وهذا طبعاً يشمل أهل الكتاب وغير أهل الكتاب، فالفرس والروم قد نهينا أيضاً عما هو من خصائصهم من عبادات وعادات وطقوس، مثل تعظيم وتقديس الكبراء والسادة.
الصنف السادس: الأعاجم غير المسلمين، فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه نهى عن زي العجم وزي المشركين أشد النهي، وقد أشار إلى مثل ذلك كثير من السلف؛ وذلك مبني على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريراً وقال: مثل الأعاجم، أو يجعل على منكبيه حريراً وقال: مثل الأعاجم، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أن يقوم الناس لرجل تعظيماً له، بل إنه نهى أن يقوم المأموم والإمام قاعد لعلة؛ خشية من أن يفهم أن ذلك على سبيل التعظيم، وكما علل في الحديث: بأنه يشبه فعل الأعاجم، فإنهم كانوا يقومون عند سادتهم وكبرائهم، وهذا منهي عنه، وهو تشبه بالكافرين.
الصنف السابع: الجاهلية وأهلها، فقد جاء النهي عن كل ما هو من أعمال الجاهلية ومن أخلاقها وعباداتها وعاداتها، مثل السفور وتبرج النساء، وبروز المحرم للشمس ولا يستظل كما يفعل الرافضة اليوم؛ فإن هذا من أعمال الجاهلية ومن أعمال المشركين، وكإظهار العورة أو شيء منها، والعصبية القومية، والفخر بالأحساب والطعن بالأنساب، والنياحة، والاستسقاء بالنجوم، فقد ألغى النبي صلى الله عليه وسلم كل أحوال الجاهلية وأعرافها، وعاداتها، وتقاليدها، وتشريعاتها، ومن ذلك التبرج والاختلاط والربا.
الصنف الثامن: الشيطان، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أفعال الشيطان ونهى عنها، كالأكل والشرب باليد اليسرى، فقد روى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشرب بها؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها)، وهذه الخصلة مع الأسف وقع فيها كثير من المسلمين تساهلاً أو استكباراً عن الحق.
الصنف التاسع: الأعراب الجهلة الذين لم يكمل دينهم، فإن الأعراب كثيراً ما يشرعون عادات وتقاليد ليست من الإسلام في شيء، وبعضها موروث من الجاهلية، فالأعراب الجفاة في عادتهم وتقاليدهم وأعرافهم واصطلاحاتهم ما يخالف الشرع، من ذلك العصبية الجاهلية، والفخر بالأنساب والطعن بالأحساب، وتسمية المغرب بالعشاء وتسمية العشاء العتمة ونحو ذلك مما هو من عادات الأعراب.