يستتبع هذا أمور بدأت تختل عند كثير من شبابنا وهي من مسلّمات الدين، البعض يظنها من العوائد التي ليس لها لزوم الآن: إكرام الضيف.
أذكر لكم نكتة: سمعت قصة عجيبة، لكنها تحكي واقع بعض أجيالنا الذين ما رباهم آباؤهم على حقوق الضيف؛ لأنها ليست مجرد عادة أو موروثة، بل هي مبدأ شرعي: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) هناك شاب طرق عليه الباب أحد أصدقاء أبيه يريد الأب، ففتح هذا الشاب الباب، فقال الزائر: أين أبوك؟ قال: ذهب وسيعود بعد قليل، فاذهب ثم ارجع.
نقول: كان من المفترض أن يقول له: تفضّل ولو مجاملة، لكن قال: اذهب ثم ارجع حتى يرجع أبي.
أنا أكتفي بهذه النكتة عن الحديث عن هذه المسلمة، فينبغي بل يجب على المربين والدعاة أن يعقدوا دورات في الآداب؛ لأن الشباب قل عندهم القدوة وقل عندهم المربي؛ لا لأن الآباء لا يكرمون الضيف وليس عندهم أخلاق، لكن الآباء والأمهات انشغلوا، فمن يجلس لتربية الأبناء؟ ثم في أغلب الأسر الوقت الذي يكون فيه الأب والأم نائمين يكون الأبناء متيقظين والعكس كذلك، متى يلتقون؟ غالباً الأكل على الطاولة من جاء أكل، مثل: طريقة الفرنج، تجد أحدهم يفطر الساعة السابعة صباحاً والآخر يفطر بعد الظهر، متى يجتمعون ليتلقوا الآداب؟ إذاً: عندنا خلل، هذا الخلل من يتحمله؟ نحن نتحمله، لماذا كل شيء نسنده على الأسباب الخارجية؟ هناك أشياء نحن نتحملها، لماذا الأب يضيع وقته غالباً في الاستراحات وغيرها؟ لماذا الأم تنشغل في كثير من أحوالها بالفضول؟ مع احترامي للنساء الداعيات الخيرات، لكن أنا أتكلم عن عموم المجتمع فقد ابتلي بهذه البلاوي، من يعيد الأجيال إلى العادات والتقاليد الطيبة التي هي جزء من الدين؟ علينا أن نعيد الأجيال إلى الآداب التي تجمع كلمة الناس، وتحمي المجتمع من غوائل الشتات والفرقة التي غرسناها بأيدينا، إضافة إلى ما يأتي من العدو من هذا الهجوم الشرس الذي تضخ به وسائل الإعلام وغيرها على قلوب أجيالنا وعقولهم ونسائنا وبناتنا، هذا الضخ الذي أصبح الآن بيد كل واحد، كل واحد الآن يستطيع أن يتصل بكل مصدر للشر والكفر والرذيلة بسهولة، بضغطة زر باليد، كان سابقاً عبر وسائل الشبكة وكان الناس يتفادون هذا، أما الآن فقد صار في الجوالات التي في الجيوب، يستطيع أي إنسان أن يطّلع على كل شيء، أنا أقول: وقع الكبار في غوائل هذا الشر المستطيل، فكيف بالشباب؟ الله يحميهم، لكن يجب أن نسعى إلى غرس هذه الثوابت ليس فقط بالتعليم النظري، بل بأن نكون قدوات، وأن نسعى سعياً حثيثاً وأن نبادر إلى استحداث وسائل التربية، واستحداث وسائل الحماية، واستغلال المؤسسات والمحاضن التربوية الرسمية وغير الرسمية استغلالاً رشيداً يحمي هذه الثوابت، ويعيد الأمة إلى مصدر عزها، وهذا ليس بصعب، بل إننا نملك من الوسائل على هذا ما تقوم به علينا الحجة، لكن الوهن فينا نحن.
نسأل الله أن يعفو عنا جميعاً، ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.