الأمور العرفية التي تكاد تكون كلها أمور شرعية، الأمور العرفية معتبرة ما دامت لا تعارض الشرع، فهناك أناس تنظمهم أعراف تضبط أحوالهم، وتضمن حقوقهم وتثبت الأمن في قلوب الجميع، وهي مثل الرجوع إلى شيوخ العشائر، والرجوع إلى كبير الأسرة، أن تكون الأسرة فيها رجل كبير ولو كان عامياً ما دام له قدرة يجب أن تجتمع عليه الأسرة، ويتأدب عنده الجميع، وتعلم الأجيال المرجعية المرعية للمسجد، للبيت مرجعية، للشارع مرجعية، للقبيلة مرجعية، للأسرة مرجعية معتبرة، شيخ القبيلة يجب اعتباره واحترامه ولو كان عنده فسق وفجور، الإنسان الذي له قدرة، صاحب الرأي والمشورة، الذي يكون من أهل الحل والعقد بحكم الواقع لا بد من اعتباره، ولا يعني ذلك كما يظن البعض مداهنة في الدين، لا، هذه أمور معتبرة في الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم اعتبر المؤلفة قلوبهم في الدين وأكثرهم أقرب إلى النفاق، لماذا في وقت عز الإسلام يعطيهم مائة من الإبل، ويعطي فقراء المهاجرين والأنصار واحدة؟ هذا هو الفقه؛ لأنهم يطيعهم الآلاف، ولذلك حينما مات النبي صلى الله عليه وسلم ترك كثير من الناس الدين بالجملة؛ لأن شيوخهم أعلنوا راية التمرد على الدين، هل الردة هي من أفراد الأمة؟ لا، بل من الشيوخ والرءوس أصحاب الجاه والمناصب الذين كانوا مغموزين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤلفهم، وحينما مات ارتدوا، انتهى الطمع.
أنا أقصد بهذا أنه إذا كان هؤلاء وهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عز الإسلام، فلماذا لا نعود أنفسنا مراعاة من له شيء من الحقوق والاعتبار بقدر، ولا أقول: ننفلت ونلغي قواعد الشرع، ونجعل هذا أفضل من العالم، ومرجعية في الدين، لا، ما نجعله مرجعية في الدين، لكن نراعي الأمور المعتبرة في العرف التي تجمع شمل الأسر وتجمع شمل الناس.