في خضم هذه الموجة من التشكيك وهز المسلمات في عقول أجيالنا وأبنائنا وبناتنا الرجال والنساء وغيرهم، من الأمور التي هي بدهية، لكن التأكيد عليها الآن أصبح ضرورة: أن هذه الأمة لا يمكن أن تجتمع وتتوحد وتقوى إلا بالاجتماع على السنة.
هذه حقيقة، وحقيقة أخرى: أن الدين مبناه على تحقيق العبادة لله، ولذلك أنا آسف على الذين ينقدون الدعاة الذين يهتمون بالتوحيد، وإن كان بعض الذين يدعون إلى التوحيد عندهم شيء من الممارسات الخاطئة، لكن يجب ألا نخطئ الأصل، وإنما نخطئ الممارسات الخاطئة، فأنا لاحظت بعض الجماعات مشكورة في بعض البلاد الإسلامية الأخرى، مثل: جماعة أنصار السنة، ومثل: بعض الجماعات السلفية التي هي على نهج سليم، ليس كل من ادعى السلفية على نهج سليم في هذا الوقت، وأرجو تنبيه الشباب لذلك وغيرهم ممن يدعون إلى السنة، ربما ينقدهم بعض الدعاة الآخرين الذين لا يخرجون عن النهج أنهم دائماً ديدنهم الكلام في التوحيد، نقول: هذا ليس عيباً، وهذا هو الأصل، بل يا من تنقدهم يجب أن يكون ديدنك الكلام في التوحيد، لكن أيضاً يجب أن يكون المنهج متكاملاً، بمعنى أن تبين التوحيد وتبيّن لوازمه، وتنهى عن الشرك وتبيّن مخاطره، وأن ترسم منهجاً واضحاً يبين أن دعوتك للتوحيد لا تعني إهمال جوانب الدنيا والدين؛ بل لأنك تعتقد أن الأمة إذا اعتصمت بالتوحيد سخّر الله لها الدنيا، وإذا انتهت عن الشرك وابتعدت عنه فإن الله يعصمها وينصرها.
ومن لوازم الدعوة إلى التوحيد ونفي الشرك تفقيه الناس في دينهم، وجمع الكلمة، والنهوض بالأمة في واقعها المادي، وإقامة الأعمال المؤسسية الخيرية والمادية، ودخول أهل التوحيد في جميع مجالات الحياة؛ لتقوم الأمة على نهضة التوحيد ونفي الشرك، نهضة دنيوية ودينية، نهضة مادية وإيمانية في وقت واحد.
كذلك يجب على دعاة التوحيد ألا يحصروا دعوتهم على إطار ضيّق معيّن بجملتهم، أما أن تكون هناك تخصصات عند الأفراد، أي: أن كل فرد أو كل مجموعة صغيرة تقتنع بشيء وهو من وجوه الحق، وترى أنها لا تجيد غيره هذه لا نحجرها، فنحن نتكلم عن المناهج العامة في الدعوات الكبرى التي تنظم ملايين المسلمين، هذه هي التي يجب أن يكون منهجها منهج رشد يقوم على التوحيد ونفي الشرك والبدعة، وجمع كلمة المسلمين على السنة والجماعة، والاهتمام بالعمل المؤسسي، والدخول في مصالح المسلمين المادية الأخرى؛ لسد باب الفتنة عنهم.