الجهاد في سبيل الله

أيضاً من الثوابت: الجهاد، الآن حينما وجدت بعض الممارسات الخاطئة ووجد بعض اللبس في أفكار بعض الشباب الذين سلكوا مسالك الغلو، أو استباحوا الدماء المحرم باسم الجهاد، أو أغلاط وقع فيها بشر، جرأ هذا الكثيرين من المنافقين والمرتابين والمشككين بأن يشككوا بمبدأ الجهاد أصلاً، فيقولون: هذه مرحلة مضت، وأنه كيف يسوغ الجهاد في هذا العصر أمام عالم فيه منظمات وفيه وفيه؟ وهؤلاء بعضهم يسوّغ عدوان الدول الظالمة على بلاد المسلمين، يحجر على المسلمين الجهاد ويسوّغ ويبرر دخول المحتلين الخلّص في بلاد المسلمين.

نقول: الجهاد له شروطه وله فقهه وله مواصفاته، نعم يوجد من استعمل الجهاد على غير وجهه، وهذا مما يؤسف له، لكن لا بد من المناصحة والصراحة بشفافية، نعم يوجد من بعض شبابنا من يستعمل الجهاد على غير وجهه، ووقع في غوائل التكفير والتفجير واستحلال دماء رجال الأمن، هذا كله خطأ ومخالف لمنهج الإسلام، لكن هل هذا هو حقيقة الجهاد؟ هل يصب الجهاد في مسالك الغلو؟ لا، الجهاد مبدأ موجود، واستعداد الدول الإسلامية بجيوشها أليس مظهراً من مظاهر الجهاد؟ بلى، بغض النظر عن المقاصد، كون الأمة الإسلامية يوجد في بلادها جيوش تدافع عنها وتدافع عن أعراض المسلمين وعن أموالهم وعن حقوقهم، هذا ضرب من ضروب الجهاد، فلماذا يغالط هؤلاء؟ يريدون أن نسميها قوة عسكرية أم نسميها جهاداً؟ القوة العسكرية والجيوش هي وسيلة الجهاد.

إذاً: الجهاد مبدأ شرعي قائم، ولا بد أن يقوم إلى قيام الساعة، ومتى تخلّت الأمة عن الجهاد ذلّت وخُذلت بواقع النصوص القطعية.

وجميع الأمم تعتقد هذا الاعتقاد، فجميع الأمم الآن تعبئ الأسلحة وتحتاط؛ لئلا تنتهك في أديانها وأراضيها وحقوقها ودمائها ومصالحها الاقتصادية إلى آخره، يمكن أن يوصف فعلهم هذا مثل الجهاد عندنا، لكن هذا جهاد في سبيل الله، وهذا جهاد في سبيل الشيطان، في سبيل الضلالة والغواية.

إذاً: الجهاد مبدأ وأصل شرعي، وهو ذروة سنام الإسلام ويجب على المسلمين أن يعدوا القوة: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:60] يجب على المسلمين جميعاً بأفرادهم ودولهم وعلمائهم ودعاتهم أن يسعوا إلى القوة، لكن بالطرق الشرعية، ولينهجوا النهج السليم؛ لأن التوثب إلى تحقيق الجهاد بدون تطبيق الشروط، وبدون ضوابط وثوابت، وبدون رجوع إلى أولي الأمر، وهم العلماء ومن ولاهم الله أمر المسلمين، وبدون رجوع إلى رايات رشيدة، هذا عين الفتنة التي أحرجت المسلمين، والتي جعلت المنافقين يشككون في مبدأ الجهاد.

ويجب على طلاب العلم أن يصححوا مثل هذه المفاهيم والأخطاء في الأمة، ويجب أن يرشدوا من وقع في الغلو واستعمل الجهاد على غير وجهه، واستباح المحرمات والدماء البريئة باسم الجهاد، ويجب أيضاً أن ينصحوا أولئك الذين يثبّطون عن الجهاد ويشككون في مشروعيته، أو ملغى مرحلياً، بل يجب الاستعداد له.

فإذاً: أرجو من طلاب العلم -وكلكم كذلك- أن يؤكدوا على هذا الموضوع؛ لأنه موضوع شائك وحساس، وفتن فيه طوائف من أبناء الأمة بجميع أصنافهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015