سابعها: كذلك من مناهج السلف في نشر العقيدة: تقرير العقيدة من خلال الرد، فمثلاً نجد عنواناً لكتاب في الرد: مثل رد الدارمي على بشر المريسي، وكذلك رد الإمام أحمد على الزنادقة والجهمية، وهذا الرد ليس خالصاً في الرد، بل في تقرير العقيدة من خلال الرد، وهذا هو الأسلوب الأمثل الذي درج عليه السلف، فهم لا يردون رداً خالصاً دون تقرير؛ لأن القارئ مهما كان عنده من العلم فهو يحتاج إلى أن يحصن أولاً بمنهج وعقيدة السلف في الأصل المردود عليه ثم ترد، أو من خلال الرد تؤصل، ولذلك فإن الإمام أحمد وكذلك الدارمي من خلال ردهما على الجهمية في بعض الردود الجزئية كانا يؤصلان، بحيث يخرج القارئ وهو محصن.
ونذكر هنا مسألة أن السلف عندما يعرضون شبهات المخالفين لا يعرضونها تفصيلاً، بل إجمالاً؛ لأن التفصيل يوقع الناس في فتنة، ثم يردون عليها تفصيلاً أو إجمالاً بحسب المقام، وسيأتي بيان هذا.
إذاً: هناك من مناهج السلف التقرير من خلال الجمع بين الرد والتقرير كما فعل الإمام أحمد، وكما فعل كثير من الأئمة، وهو منهج المتأخرين من السلف؛ لقيام الحاجة بذلك كما فعل ابن تيمية وابن القيم وكثير من أئمة السلف؛ لأن الأمة ابتليت بكثرة الأهواء والبدع والافتراق، حتى صار أهل السنة في غربة في كثير من بلاد المسلمين.
فاحتاج الأئمة أن يكثروا من الرد، وفي أثنائه أيضاً يقررون العقيدة؛ ليجتمع التحصين والرد في آن واحد.