أوجز النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة التدين بوصيته لأحد الصحابة لما سأله فقال: (قل: آمنت بالله ثم استقم)، وهذه كلمات جامعات جمعت الدين كله في كلمتين: (قل: آمنت بالله)، يعني: حقق الإيمان في قلبك.
(ثم استقم)، في أعمالك في عبادتك في أخلاقك في تعاملك مع الحياة مع الناس.
والإيمان بالله لا يكون إلا بمقتضى العقيدة الصحيحة، وهذا لا شك فيه، وإلا كل يدعي الإيمان بالله.
والاستقامة على دين الله لا تكون إلا بمقتضى العمل بشرع الله، وبما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحتى الإيمان بالله والاستقامة هي دعوى، لكن لها شروط وضوابط وحقيقة، وعلى هذا فإن التدين أمر لابد أن يحكم حياة المسلم كلها، في قلبه وروحه ونفسه وعواطفه ومشاعره وأعماله ومواقفه، كل هذه الأمور لابد أن يتحقق فيها معنى التدين.
أو أول حقيقة في بلوغ المراد الشرعي بالتدين: هي صلاح القلب، وصلاح القلب يكون أولاً بتعظيم الله عز وجل في أسمائه وصفاته وأفعاله.
فإذا أراد المسلم أن يختبر نفسه، أو يستجلي حقيقة تعلق قلبه بالله عز وجل فلينظر في حاله إذا قرأ القرآن وسمعه، ثم مرت عليه أسماء الله عز وجل، فهل يجد في نفسه تأثراً بمعاني أسماء الله؟ وهل يجد في استعراضه لأسماء الله عز وجل والتفكر فيها وتمعن معانيها أثراً في قلبه بزيادة تعظيم الله ومحبته ورجائه وخوفه وتقواه؟ وكل أسماء الله عز وجل لابد أن تغرس هذه المعاني، فإن وجد أثراً طيباً في ذلك فليحمد الله، وليعلم أنه بدأ طريق الاستقامة، وإن أحس بالغفلة وعدم التأثر بمعاني أسماء الله عز وجل؛ فليفتش عن حاله.