المقدم: ما هو المقصود بتجديد هذا الدين؟ الشيخ: التجديد هو إحياء ما اندثر من السنن ونفي البدعة، يعني: التجديد بمفهومه الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم أنه على رأس كل مائة سنة يبعث الله من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، هذا الحديث صحيح، فالإمام محمد بن عبد الوهاب مجدد في الدين التجديد الشامل، ولا أعرف في التاريخ مثل هذا التجديد، ولا سيما أنه وجد في وقت ضعُفت فيه كثير من مناهج الدين العلمية والعقدية والتطبيقية في الأمة، ولا أقول: اندثرت؛ لأن الحق لن يندثر، والدعوى بأن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تدّعي أنه لا يوجد في الأمة خير، هذه دعوى سنفندها إن شاء الله من خلال كلام الشيخ نفسه، عندما رد على هذه الشبهة.
إذاً: هذه الدعوة هي حقيقة الإسلام وهي حقيقة السنة والجماعة، وهي ذات منهج متكامل عقدي ديني إصلاحي شامل لجميع جوانب الحياة، قامت عليه دولة، وقام عليه كيان اجتماعي في مهبط الوحي، والدعوة عبارة عن دعوة متكاملة حقيقتها حقيقة الدين، وقامت بكيانين: الكيان الأول: كيان دولة، الذي هو الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة التي نعيش في ظلالها الآن حماها الله من كل سوء.
الكيان الثاني: الذي هو انتشار الدعوة، وانبعاج الدعوة في جميع الدنيا، ولا تزال دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب حيّة، والدليل على أنها حية ردود الأفعال ضدها، فلو كانت ميتة ما همّت الأمم الضالة وأهل الأهواء، والناعقون الآن باسم أهل الأهواء من أبناء جلدتنا.
المقدم: الصورة على قدر الألم؟ الشيخ: نعم الصورة على قدر الألم، فإذاً حقيقة الدعوة هي كيان الإسلام، والذي نعيش الآن ثماره؛ لأنه عرق الأجداد والآباء، ونحن جيل يكاد يفرِّط بهذه النعمة، بل من أجيالنا الآن من تنكر لهذه النعمة وملَّ منها، أسمعت أحداً مل من النعمة؟ نعم هم أهل سبأ {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ:19] وهذه حقيقة، فحال كثير منا الآن سواء الذين مالوا إلى التفريط والانفلات وإلى التبعية وتمييع الدين، أو الذين مالوا إلى الغلو والتشدد ومعالجة الأمور بالعنف، فهؤلاء كلهم ملّوا النعمة، ملّوا الدعوة وإن ادّعوا أنهم ينهلون من ثوابتنا، وما أبعدهم عن الثوابت.